للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الشيخ المحطم الذي يقف بإحدى قدميه على حافة القبر، والذي لا زوجة له ولا عقب يرث ماله من مال أو لقب؟ لقد اخترعت الطبيعة له شيئاً يقال له طيب الأحدوثة، وخلود الأسماء بعد الفناء، فأجهدته في شيخوخته المحطمة ولم تدعه يقضي أيامه المعدودة في أمان واطمئنان

قرأت في بعض المجلات أن الإمبراطور غليوم لا يزال يمني نفسه بالعودة إلى عرش ألمانيا، وأنه لا يزال يترقب اليوم الذي يثوب فيه الشعب الألماني إلى رشده، فيستدنيه من منفاه، ويسلم إليه مقاليد الأمور. ولعلك لا تعلم أن المحكوم عليهم بالإعدام لا ييئسون من الخلاص حتى ساعة التنفيذ، ولهم فروض لا تخطر بالبال، تنتهي كلها إلى غاية واحدة هي النجاة

إنها الطبيعة، الطبيعة التي سلحت النساء بالنعومة والجمال لإغراء الرجال، والتي سلحت الزهر بطيب العرف وألوان الطيف ليجذب الطيور فيشاطر الريح حمل حبوب التلقيح. هي هي التي حاكت لنا خيوط الآمال، لنتعلق بها فيعمر الكون، ويسير نحو الكمال

فليت شعري، ماذا يدعوها إلى ذلك كله؟ أهو شيء لا نعلمه؟ أم لا شيء؟

الأيمان بالحظ

قال صديقي في تهكم: ألم يبلغك نبأ التعينات الجديدة؟

قلت: لا، وماذا يعنيك من أمرها؟

قال: إن بين المعينين مدرساً جديداً، كان بالأمس لي من الأولاد، فأصبح الآن من الأنداد

قلت: وماذا في هذا؟

قال: فيه شيء كثير، فقد كان صاحبنا هذا هدفاً لسهام المعلمين - وأنا من بينهم - وكان المثل في كساد الذهن، وقلما وقعت عيني عليه إلا نائماً أو متثائباً. وكنت أعتبره (ترمومتر) الفصل، ما فهم أمراً إلا اعتبرته مفروغاً منه مفهوماً من الجميع

قلت: هون عليك يا صديق، وماذا أنت فاعل إذا جاءك هذا المتثائب النؤوم غداً يفحص أعمالك، ويقفك منه موقف المسؤول من السائل، تتلقى إرشاداته، وتتقبل نصحه بقبول حسن؟

إنك يا صديقي لا تؤمن بالحظ، أما أنا فإنني مؤمن قوي الأيمان به. أعتقد أن للجد (بفتح

<<  <  ج:
ص:  >  >>