لفظ (الميتاكوري) وقد جاهدت كثيراً في نشره في فرنسا وأمريكا وأنفقت المال في سبيل تقريبه للأذهان، ولكن غموضه كان عقبة كأداء في سبيل ذيوعه. وقد نشرت كثيراً من الرسوم بريشتها لإيضاح غاياتها، ولكن العالم الأدبي لم يفهم ما تريده الشاعرة من هذه الحركة الصوفية. وقد حاولت أنا وصديقي الشاعر فولاد يكن أثناء اتصالنا بها بحلوان أن نفهم هذه الحركة كما يجب، فلم نخرج منها بأكثر من أنها نوع من الرمزية في الشعر والرسم ترمى إلى إبراز المعاني الباطنة لمظاهر الأشياء. ولما رأت عدم استعداد العقول لفهم نظريتها - التي تقول إن فناني الإغريق كانوا يعملون بها - اتجهت للدفاع عن بلاد الشرق المهضومة الحق. . .
وقد أقامت الكونتس دي سان بوا بحلوان بقصر محمد بك أنسي بشارع سيد أحمد باشا. وكانت دارها ندوة للأدباء زارها فيها الدكتور ماردريس المستشرق الفرنسي المعروف وقدم لها ترجمته الفرنسية لكتاب (ألف ليلة وليلة) وكتب الإهداء بالعربية: (هدية من الشيخ الماردريسي). وكان أول من أتصل بها من المصريين الشاعر الكبير فولاد يكن، وحدث ذلك على أثر زواجه من مدام (س) الفرنسية (وهي زوجة أحد كبار كتاب فرنسا) التي استقدمتها وزارة المعارف لتتولى نظارة مدرسة بنات الأسر الراقية. ومع أن هذا الزواج لم يطل فقد كان سبباً في تعرف الأستاذ فولاد يكن بالكونتس؛ وقد رأت فيه الشاعرة مواهب شعرية تنبئ عن مستقبل زاهر في عالم الشعر فاحتضنته، وجعلته كابنها، وأقام بمنزلها بحلوان يأكل ويشرب ويتريض معها كأنه فرد من أسرتها. وقد أنتجت هذه الصداقة ثمارها إذ قدمته لدور النشر الفرنسية فنشرت له بعض مؤلفاته الشعرية والنثرية مقدمة بقلمها البليغ
وكان يجتمع في دارها الأدباء. وقد قدمني فولاد يكن إليها كأديب ناشئ مهتم بالأدب السكسوني وخصوصاً فن برناردشو الذي كنت أؤلف فيه في ذلك الوقت كتاباً عن آرائه في الحياة والأدب والفن والسياسة. وكانت تعرف عني هذا الاهتمام فكانت تدعوني (برناردشو الصغير). وقد قدمتني في إحدى حفلاتها الماسونية لإحدى زوجات سلطان تركيا المخلوع التي قدمت إلى مصر وألقت بنفسها في النيل عند قصر النيل. وكانت هذه الأميرة على غاية من جمال الخلق والخلق، تركت في نفسي أثراً لا يمحى، إذ تمثل لدي في هذه اللحظة