عظمة الملك ممثلة في شخص هذه السيدة الكريمة؛ وهي في رزانتها وصمتها أبلغ منها وهي في أبهة العرش. وقد حدث أن ثارت بين أديبين مناقشة عن أدب هوجو، وكان أحدهما يرى أنه فن مزخرف أجوف، وكان يعارضه الآخر بأنه أدب حي، وأبديت رأيي في هذه المناقشة بأسلوبي الفرنسي العاجز، وكنت وقتئذ لم ينضج علمي بالفرنسية لانصرافي للأدب الإنجليزي، فسخر من أسلوبي صديقي فولاد يكن، ونعته بأنه فرنسي صيني، ولم ينجني من حملته علىّ إلا السلطانة، فقد عطفت عليّ بأن قالت: إن أسلوبي كإنسان لم يدرس الفرنسية بالمدارس لا بأس به. وقد حمدت لها هذا الموقف الذي خلصني من المأزق الذي تورطت فيه
وتشاء الصدفة أن أقرأ إبان تعرفي بالشاعرة الكبيرة قصة (روفائيل) ترجمة الأستاذ الكبير احمد حسن الزيات، وأردت أن أذكر لها اهتمامنا بأدب جدها لامرتين، فذكرت لها أنني أقرأ ترجمة عربية لرفائيل تكاد في بلاغتها أن تكون صورة ثانية للأصل الفرنسي؛ وذكر الأستاذ فولاد يكن تمكن الأستاذ الزيات من لغة العرب والفرنسيين مما جعل الترجمة تحفة من التحف في أدبنا المصري الحديث، وقد أعجبت الكونتس بذلك كثيراً. ولكنها كانت لا ترى في (رفائيل) العمل الفني الذي يجب أن يخلد به أسم جدها بمصر، وقالت في ذلك إنه مؤلف يسوده الإغراق في المبالغات مما جعله في مرتبة أقل من غيره من المؤلفات الأخرى، وقد ذكر الدكتور منصور بك فهمي في مقدمته لترجمة الأستاذ الزيات مثل هذا الرأي، وأن ذلك قد دعا لامرتين نفسه إلى إعادة النظر في مؤلفه هذا في الطبعات التالية فأبعد عنه بعض المبالغات العاطفية التي أخذها عليه النقاد
والكونتس دي سان بوا رسامة ماهرة ترسم بالزيت وتحفر على الخشب ويشوب رسومها الروح الصوفية، وهي تزين دارها بهذه الرسوم. وقد بلغت براعتها في الرسم أنها كانت تحفر صورتها على الخشب فكانت ملامحها تنطق كأنها رسم فوتوغرافي. وقد انصرفت في السنين الأخيرة إلى التحرير الصحفي وتولت رياسة تحرير أمهات الصحف الفرنسية بمصر. ويمتاز أسلوبها الفرنسي بالجزالة الكلاسيكية، وقد اكتسبت أثناء إقامتها بمصر صداقة الشخصيات البارزة في المجتمع المصري
واختم كلمتي عنها بما تبديه من عطف على الشرقيين، فقد كانت تغشى حفلات العرب