الدعوة إلى الوفاق والاتحاد والائتلاف؟
هل تصدقون أني أعتقد أننا نختلف أقل مما يجب، وأنه ينبغي ألا نعرف غير النضال والصيال؟
هل تصدقون أن التجارب علمتني أن الراحة نذير الموت؟
هل تصدقون أني نفرت من منزل جميل في باريس لأن أصحابه كتبوا على بابه عبارة تشير إلى أنه معروف بالهدوء؟
هل تصدقون أني لم استرح في بغداد إلا حين اهتديت إلى منزل تحيط به الضوضاء؟
الحق أن مزاجي أفسدته المدنية الحديثة فساداً لا يرجى له صلاح
ولكن هذه هي المدينة، وهذا هو عقل العصر الحديث، وأنتم تطلبون أن نروضكم على التخلق بأخلاق العصر الحديث
ثم ماذا؟ ثم ماذا؟
ثم انتقلنا إلى تعليم البنات فعرفنا بعد الأخذ والرد أن البنت في المدرسة المصرية تقتل قتلا بالدروس، فلا تستطيع أن تكون بهجة البيت في المساء
والواقع أننا كنا أخطأنا في تقدير مناهج التعلم بمدارس البنات، فقد كانت البكالوريا واحدة للبنات والبنين مع أن المزاج يختلف بين النوعين أشد الاختلاف
وقد لوحظ أن البنات في المدارس الأجنبية يعاملن معاملة تقوم على أساس العطف والرفق، والمفهوم عند الأجانب أن البنت إنما تتعلم لتصلح تمام الصلاحية لتكون ربة بيت.
ولوحظ أيضاً أن مديرات المدارس الأجنبية يحاولن أن يعرفن كيف تعيش العائلات التي تجيء منها التلميذات ليستطعن تلوين الحياة المدرسية بألوان مختلفات
وهذا شيء قد لا تعرفه المدارس المصرية لأن الصلات قد تكون مقطوعة بين المدرسة والبيت
والظاهر أني لا أزال استجيد الوصف الذي أطلقته على مدارسنا منذ أكثر من عشر سنين حين سميتها (مجازر بشرية) فنظام هذه المدارس لا يتيح فرصة للتعمق، وإنما يلهي الطلبة بالقشور لكثرة ما يعرض عليهم من العلوم والفنون
وسيجيء يوم يعرف فيه الناس أن أسلافنا كانوا أبصر منا بالمذاهب التعليمية لأنهم كانوا