يعرضون على الطالب علوما قليلة ثم يفرضون عليه أن يتعمق
ولو شئت لقلت إن المدارس الفرنسية تريح التلاميذ من الدروس يومين كاملين، ومع ذلك لم يقل أحد بأن الفرنسيين تخلفوا في الميادين العلمية
ولو شئت لقلت إن الامتحانات عندنا لا تزال جائرة الميزان، فليس من المعقول أن يكون تلاميذنا من الضعف والجهل بالمنزلة التي توجب ألا ينجح من كل مئة غير عشرين أو ثلاثين
وهناك مجموعة يعرفها جميع المعلمين، وهي مجموعة الأسئلة الخاصة بالامتحانات العمومية، ونظرة واحدة إلى تلك المجموعة تشعر المنصف بأن الممتحنين لا يرون التيسير من الأمور ذوات البال، والأساتذة أنفسهم يحتاجون إلى تأمل يسير حين ينظرون إلى الأسئلة المسطورة في تلك المجموعة، فكيف يصنع التلاميذ وبينهم وبين أساتذتهم من الفروق ما تعرفون؟
ولو شئت لقلت إن أسئلة الامتحانات العمومية يضعها رجال مكدودون من بين المفتشين والمراقبين، والعقل يفرض أن يتفرغ لوضعها جماعة من الأساتذة ينقطعون إليها أسبوعاً أو أسبوعين حتى تسلم من العنت والإرهاق
أحب أن يشعر التلميذ المتوسط بأن من حقه أن ينجح. أحب أن يشعر التلميذ الضعيف بأنه قد ينجح إذا ضاعف من نشاطه وبذل ما يملك من العافية في الاستعداد للامتحان
ولكن هذه آمال لا تتحقق إلا إذا غير الممتحنون ما بأنفسهم فعرفوا أن الشهرة بالشدة والعنف مطلب سخيف
ثم ماذا؟
ثم تحدثنا عن الصلة بين المدرسة والبيت، واتفقنا على أن الواقع أننا نتكلم ولا نفعل
وأين المدرس الذي يجد من الوقت ما يزور فيه بيوت التلاميذ؟
وأين الناظر الذي يجد في جيبه ما يسعفه بأن يقيم للتلميذ وآبائهم حفلة أو حفلتين؟
لقد حاولت ذلك بنفسي ثم عجزت، لأني كنت أخرج من المدرسة مكدوداً لا أصلح لشيء
ولو شئت لصرحت بأن المدرسين يعجزون عن متابعة النشاط المدرسي، لأن المناهج لا تقيم له أي ميزان، وهو سخرة يقوم بها المدرسون بلا جزاء