قلت: لا يقال في العربية انهمك على الشيء بل أنهمك فيه. ففي حديث خالد بن الوليد (رضي الله عنه) أن الناس انهمكوا في الخمر. وفي الصحاح: انهمك الرجل في الأمر أي جد ولج، وكذلك تهمك في الأمر. وفي الأساس: انهمك في الباطل وفلان منهمك في الغي. مثل هذه التعدية في الجمهرة والنهاية واللسان والمصباح والتاج والمعجمات العصرية. والملاذ في اللغة جمع ملذ وهو موضع اللذة. وفي الفائق: النبي صلى الله عليه وسلم: إذا ركب أحدكم الدابة فليحملها على ملاذها: أي ليسرها في المواضع التي تستلذ السير فيها من المواطيء السهلة غير الحزنة والمستوية غير المتعادية والشهوانية نسبة إلى الشهوان أو الشهواني وهو شديد الشهوة ومنه قول رابعة: يا شهواني. والشهوة اشتياق النفس إلى شيء كما في المصباح، أو نزوع النفس إلى ما تريده كما في مفردات الراغب. فماذا يعني كتاب المبشرين بكلامه الطمطماني؟
٣٧ - في الصفحة (٣٤٠): قال الغزالي قد انتهى قوم في الشطح (لعله يريد الشطط) والدعاوى العريضة إلى دعوى الاتحاد بالله وارتفاع الحجاب.
قلت: لا يريد الشطط بل يريد الشطح، وإن من يجهل هذا المصطلح المشهور عند المتصوفة لجاهل. وهذه اللفظة إن لم تضعها العربية من قبل فهي كلمة اصطلاحية. ولم يكتب في التصوف كاتب، ولم يؤلف في طريقة القوم مؤلف، إلا ذكرا هذا الشطح كثيراً. ولن يسد شطط الشاطين ولا طائفة كبيرة من خلط المبشرين مسد الشطح. . . جاء في التاج: اشتهر بين المتصوفة الشطحات وهي في اصطلاحهم عبارة عن كلمات تصدر منهم في حال الغيبوبة وغلبة شهود الحق عليهم بحيث لا يشعرون حينئذ بغير الحق كقول بعضهم أنا الحق، وليس في الجبة إلا الله، ونحو ذلك. وفي التعريفات: الشطح عبارة عن كلمة عليها رائحة رعونة ودعوى، وهو من زلات المحققين، فانه دعوى بحق يفصح بها العارف من غير إذن إلهي بطريق يشعر بالنباهة. . .
٣٨ - في الصفحة (٤٣٧) فهذا الكلام يستلفت نظرنا من جهتين
قلت: استلفت خطأ، وإن قبل: قال سيبوبه في (هذا باب استفعلت): (وتقول استعطيت أي طلبت العطية، واستعتبته أي طلبت إليه العتبى، ومثل ذلك استفهمت واستخبرت أي طلبت إليه أن يخبرني). قلنا: جاء ما ذكره سيبوبه ولكنهم لم يقولوا استلفته أي طلب لفته؛ ثم