للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ثم كم من الأطباء في العالم الذين يستعملون كل يوم منذ أكثر من قرن ذلك الجهاز المدعو (سنتوسكوب) أي السماعة الطبية ويقيمون تشخيصهم على ما يسمعونه خلالها، كم منهم يعلم أنها تحمل اسم الطيب الفرنسي الكبير (لَيْنِك) مؤسس فن التشخيص السمعي؟

اتجه نشاط سورنسن بعد بحوث في الكيمياء المعدنية نحو دراسة المكون الرئيس للمادة الحية: المواد الزلالية المسماة في الاصطلاح الدولي بروتيد؛ بدأ باستخلاصها في حالة النقاء أي خالصة من المواد الأخرى العالقة بها مما مكنه ومكن غيره من الباحثين من دراسة خصائصها الكيميائية والفيزيقية؛ أجرى عليها تجربة التحليل الغشائي، أي النفاذ خلال الأغشية وهي أجسام من أصل نباتي أو حيواني ذات ثقوب دقيقة (مثل جلود الحيوانات) لا تسمح لغير الجزئيات الدقيقة مثل جزئيات الملح الذائبة في الماء باختراقها، بينما الجزئيات الزلالية لا تنفذ منها. ونتيجة هذه التحليل الغشائي أن الجزئيات الغريبة العالقة بالجزئيات الزلالية تنفذ خلال هذه الأغشية تاركة الجزئيات الزلالية في حالة النقاء. وهكذا تبدو لنا المحلولات المحتوية على مواد زلالية كأنها تسلك مسلك المحلولات الغروية (نسبة إلى الغراء) أي تلك المحلولات التي تختلف عن المحلولات العادية - المسماة بالمحلولات البلورية مثل محلول الملح - بكبر حجم جزيئاتها مما يمنعها من اختراق تلك الأغشية، والتي تختلف عنها أيضاً بأنها لا تترك بعد تبخير السائل الذائبة فيه دقائق متبلورة بل تترك جسماً يشبه الغراء

ولكن هذه الحقيقة، حقيقة وجود المواد الزلالية وبالتالي المادة الحية على الحالة الغروية تحمل نتائج غاية في الخطورة؛ ذلك أننا نعلم أن المحلولات الغروية تنفرد بصفات خاصة يرجع إليها السبب في ثبا بهذه المحلولات أي بقاء الجزئيات منتشرة في السائل لا تسقط، فإذا ما حدث اضطراب في هذه الصفات فان جزيئات المحلول الغروي تتهالك بعضها على بعض أي تفقد ثباتها فينهار المحلول الغروي. ولما كانت المادة الحية توجد على الحالة الغروية فان بقاء الحياة واستمرارها يترجم عنه من الناحية الفيزيقية بثبات الحالة الغروية، وفناء الحياة أو اضطرابها يترجم عنه من الناحية الفيزيقية بانهيار الحالة الغروية

أما أهم هذه الصفات التي يرجع إليها ثبات الحالة الغروية فهو وجود شحنة كهربائية من نوع بعينه تحملها الجزئيات المنتشرة فتدفعها إلى التباعد بعضها عن بعض فتمنعها من

<<  <  ج:
ص:  >  >>