بهذا التقسيم حينما كانت لغتهم لا تزال لغة واحدة - وإن نظريتهم إلى الأشياء كانت نظرة عميقة جعلتهم يتخيلون فيها المذكر والمؤنث.
اعتبر العرب بعض الأسماء مؤنثة وإن لم تكن بها علامة تأنيث، ولا تدل على مؤنث من حيث الجنس كالدار والنار، والذراع والإصبع، والسوق واليمين، والأرض والأذن والعين والسن والشمس والحرب، وهذا ما يسمى مؤنثاً مجازياً؛ وتجد من هذا النوع خمسة عشر اسماً في جسم الإنسان، وأحد عشر اسماً من أسماء الآلات، وأحد عشر اسما لأجزاء السماء والأرض، واسمين للأمكنة، وخمسة للحيوانات. ويلاحظ أن هذا المؤنث المجازي يخرج تدريجيا في بعض اللغات السامية من المؤنث إلى المذكر؛ فمثلاً كلمة (رحى) وكلمة (كأس) نجد كلاً منهما في العربية والسريانية مؤنثة وفي الآرامية مذكرة، ومؤنثة تارة ومذكرة أخرى في اللغة العبرية. وخذ مثلاً كلمة (شمس) تجدها مؤنثة دائماً في اللغة العربية، ومذكرة دائماً في الآشورية، ومؤنثة تارة ومذكرة أخرى في الآرامية والعبرية.
أما في الحبشية فقد تطورت هذه الكلمات تطوراً آخر، فحينما نسي الناس الفكرة الأصلية للمؤنث والمذكر حدث خلط حتى في الكلمات المنتهية بإحدى علامات التأنيث
ويظهر أن هذا الانتقال من المؤنث للمذكر لم يتبع في كل حال انتقال الكلمة من معناها الأصلي إلى معنى جديد كما حدث في كلمة (دار) حين أصبحت في العبرية (دور) بمعنى الجيل، وانتقلت بذلك من المؤنث إلى المذكر، بل ربما كان هذا الانتقال لضعف فكرة التأنيث كما في (رحى، وكأس).
وقد أسترعي نظر بعض العلماء وجود علامات التأنيث لا في الاسم الدال على مؤنث حقيقي فحسب، ولا في الاسم التي اعتبرها الساميون مؤنثة لفظاً، بل في بعض المصادر وبعض الجموع، وكثير من الكلمات التي تدل على الكثرة والقوة. فنجد الألف المقصورة علامة من علامات التأنيث. كما في سلمى وحبلى، وليلى؛ ونجدها في جمع فعيل، كصريع وصرعى وجريح وجرحى، وقتيل وقتلى، وميت وموتى. . . الخ. ومعنى هذا أنه لا فرق في العلامة بين صيغة المؤنث وصيغة الجمع.
ونجد الألف الممدودة علامة من علامات التأنيث كما في شقراء وزرقاء وصحراء، وورقاء، ونجدها في جمع فعيل بمعنى فاعل إذا كان وصفاً لعاقل معتل اللام أو مضعفاً مثل