المدرسة التحليلية في الرياضة جوتفريد ويلهلم لينبتز، فقد كان المذكور تلميذاً لديكارت، وكانت عقليته عقلية فرنسية صرفة. أما في فرنسا فهناك قد تأثروا بطرائق العقلية الألمانية نذكر منهم البروفسور شارل هيرميت من دهاقنه العلم الرياضي البحت في القرن التاسع عشر، والمسألة بعد ذلك راجعة في العموم إلى طبيعة العقلين وخصائصهما).
وإني لأذكر أنني منذ مدة لا تتجاوز ربيعاً واحداً من عامنا هذا كنت في زيارة الصديق حسين فوزي في مكتبه بإدارة الأبحاث الألمانية، وكان على مكتبه بضعة أعداد من مجلة (نيتشز) الجديدة وفي أحدها وقفت على مقال لعالم ألماني كبير على ما أذكر هو رئيس لمعهد ويلهلم للبحث العلمي يقرر فيه أثر الدم السامي في العلوم الوضعية، وأنه يجنح إلى صور يمليها من الخيال على العلم فتعرقل سير العلم الصحيح. وهذا كلام إن لم نتفق مع صاحبنا عليه في تفاصيله فلا يمكننا أن ننكر أن فيه من وجهة عامة عنصراً من الحق، أتى من جهة التجريد الذي هو طبيعة الذهن السامي.
إذا صح هذا، من أن العقليات تكتسب الصفة الشعبية كثيراً على عكس ما ذهب إليه باحثنا الفاضل في تعقيبه على ما كتبناه سقط كل ما أقامه على هذا الوجه من آراء
وبعد فللباحث المفضال سقطات استوجبها عدم تعمقه في مدلول عباراتنا والنظر إلى ما وراء ألفاظها الظاهرة، فهو يتساءل قائلاً: متى بدأ الإنسان يتحسس الخالق في شر مخلوقاته، أهو الشرقي مصريا كان أو آشوريا أو كلدانيا أو عربيا أم بدأ به اليونان والرومان والسكسون؟ والسؤال على هذا الوجه لا معنى له بالنسبة لنا، لأن الأصل فيه تحسس الخالق بآثاره في مخلوقاته، فالخالق هنا أصل والمخلوقات أو الطبيعة فرع. ونحن نقدر أن مثل هذا النظر كان من خصائص العقل الشرقي!. . وليتأمل بعد موضع كلامه باحثنا المفضال!. . .
غير أن السؤال لو وضع في صيغة أخرى تتفق مع نظرة العقلية الغربية للأشياء لكانت إفادته: متى بدأ الإنسان النظر في الطبيعة؟ ومتى انتهى من نظرته هذه إلى الخالق؟ أهو الغربي أم الشرقي نظر على الوجه؟ فان السؤال يستقيم له إجابته من أن مثل هذه النظرة من خصائص العقلية الغريبة
والواقع أن باحثنا الفاضل يلزمنا عسيراً مثل هذه الاعتراضات ووجه العسر أنها تضطرنا