وزحف القائد الجديد على رأس جيش ليحتل فردريك سبرج على الضفة الأخرى للنهر، حيث كان يرابط لي قائد الجنوب العظيم؛ ووقف القائد الشمالي تجاه خصمه يفصل بينهما نهر يوتوماك، وقف ينتظر أن توافيه هناك تلك المعابر المتنقلة التي لا بد له منها ليعبر النهر ولكن المعابر وصلته متأخرة فاستطاع خصمه القوي أن يحصن المرتفعات حول المكان، فلما أخذ يعبر النهر هو وجنوده انصبت عليهم النيران الحامية من كل صوب، ونظر القائد فإذا كثير من جنده حوله صرعى لا يقل قتلاهم عن الجرحى، فكان لا بد أن يتراجع وكانت هزيمة جديدة تضاف إلى سلسلة الهزائم في ذلك العام المشئوم. . .
وحمل الجرحى إلى وشنجطون فضاقت بهم المستشفيات حتى لقد حول عدد كبير من الكنائس وغيرها من الأبنية إلى أمكنة للجرحى، وطافت النذر بالمدينة، وانعقدت في جوها سحب الغم مركومة سوداء، وأخذت الناس غاشية من الحزن ورجفة من الذعر زاغت لهما الأبصار وبلغت القلوب الحناجر. . .
وأخذت الأنظار تتجه إلى البيت الأبيض وليس فيها من معاني الأمل بقدر ما فيها من معاني اللوم والغيظ، وكأنما كانت ترف من حوله أرواح القتلى فتلبسه كآبه وتشيع فيه ما يكرب النفوس ويؤلم الصدر. . .
وأخذ يظهر في العاصمة حزب جديد ترمي أغراضه إلى وضع حد لهذه الحرب بأية وسيلة، وألفى الرئيس نفسه بين تيارين، فهنا من ينادون بوضع حد لتلك المحنة، وهنا من يطلبون إعادة ماكليلان إلى القيادة والسير في الحرب ولكن في سرعة وحمية وإقدام، وغير هؤلاء وهؤلاء قوم يطالبون بتغير القواد والبحث عن وسائل جديدة تكفل النجاح، وقوم آخرون خيل إليهم أن الفرصة قد سنحت لهم لإعلان رأيهم في مسألة تحرير العبيد وكان رأيهم ألا يمس ذلك النظام بما يغير من أصوله. . .
وترامى إلى الناس فضلا عن مزعجات الحرب وشائعاتها أن المجلس التشريعي منقسم بعضه على بعض، وأن مجلس الوزراء نفسه قد شاع الخلاف بين أعضائه، ورأى الناس مما يشاع ويذاع أنهم على حافة الكارثة. . .
ولكن السنديانة ثابتة على رغم العاصفة لا تنال الريح العاتية شيئاً من ثبوت أصلها وسموق فرعها. أو لم يك في الغابة منبتها وكان فيها غذاؤها وريها؟. . . أجل، إن رجلا واحدا هو