للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كمكتبة المدرسة، فيشغل نفسه بالتحضير والتدريس والتصحيح وغير ذلك من الأعمال الإضافية؛ ثم لا يجد وقتا للاستجمام وتجديد المعلومات والاطلاع على ما يجد من البحوث؛ مع أنه كان أولى من غيره بالبحث والاطلاع والإنتاج؛ ولكن عمله الأصلي يأكل وقته ويلهيه عن العناية بشأن نفسه، بل يورثه الكلال والأسقام

كنا في لجنة امتحان لا نزيد على عشرة معلمين من خريجي دار العلوم؛ ولعل القارئ يأخذه العجب إذا علم أن ستة من هؤلاء كانوا على الطعام يتناولون أدوية تساعد على الهضم وتنظيم عمل المعدة وهم في سن تعد عند غيرهم سن الشباب؛ ولكن الذي خبر المهنة وأحس متاعبها يعجب كيف لا يصطحب العشرة جميعهم قارورات الدواء إلى مقر الامتحان!

إني لأعرف كثيراً من معلمي اللغة العربية أقبلوا على تعلم اللغة الإنجليزية حتى نالوا منها قسطا كبيرا جديرا بأن يفيدهم لو بقي في نفوسهم، وهيهات أن يبقى مع تتابع أعمالهم المرهقة

وهذا واحد منهم تعلم ستة اشهر بمدرسة أجنبية، وحصل من اللغة الإنجليزية في هذه المدة القصيرة ما لم يحصله التلميذ في ثلاث سنوات. أتدري ماذا من أمره بعد ذلك؟ لقد قضى سنة يتردد على أطباء العيون والمعدة والأسنان والمفاصل والأعصاب. أما ما عرفه فما لبث أن استحال ضبابا غائماً، ثم تصاعد بخاراً دائبا

إذا كانت الوزارة تعتزم الإصلاح حقا، فلتتخذ الوسيلة لذلك بتخفيف العبء عن معلمي اللغة العربية؛ ولتجعل أقسام اللغة الأجنبية في المدن الكبرى متعددة ليسهل على كل معلم أن يرد القسم القريب من مسكنه؛ حتى يحفظ وقته، ويحصل أكثر ما يستطاع

ولا يجولّن بخاطر أحد أن المعلمين يرجون التخفيف بطرا وتجنبا. لا بل إن كل نقص في الكم يقابله تحسين وتجويد في الكيف. فلتسلك الوزارة السبيل القاصدة تحمد غبها وتجد خير النتائج إن شاء الله

مدرس

حول بيت للكميت بن زيد

<<  <  ج:
ص:  >  >>