ذلك فمدح مفرط من غير أسباب فنية، أو ذم مفرط لأسباب شخصية غير فنية. والرأي الواجب الاحترام هو ما يصدر من فنيين راقين ينقدون الفن للفن. وإذا حدث ذلك، وقليلا ما يحدث، أحللناه المحل الأول من الاعتبار وقدرناه أكثر من تقدير الجمهور) قلت: هل لاحظتم تقدماً في تأليف الروايات خلال السنوات الثلاث، لأني أزعم أن الروايات التي مثلها الفرقة في عامها الثالث أحط منزلة من الروايات التي مثلت في السنين الثانية والأولى؟ فقال:
(من غير شك لاحظت هذا التقدم خصوصاً عندما قرأنا الروايات التي قدمت للمسابقة الأخيرة. نعم إننا لم نجد روايات حازت المكافأة الأولى، ولكننا رأينا روايات ظهرت فيها القدرة الفنية، وظهر فيها حسن السبك، وحسن الحوار، وإذا قارناها بالروايات التي قدمت في ظروف أخرى قبلها رأينا هذا التقدم محسوساً)
قلت: ما رأيكم في رواية ردتها لجنة القراءة إلى مؤلفها غير مرفقة بأسباب الرفض رأفة به، ثم أعيد تقديم تلك الرواية المرفوضة بعينها إلى اللجنة مع ما تقدم إليها من روايات للمباراة ففازت وأعلن فوزها مع أنه لم يتغير فيها سوى اسم مؤلفها الشاب باسم فتاة، فهل المسؤول عن هذه (اللعبة) مدير الفرقة أم لجنة القراءة؟
حدجني محدثي الفاضل بنظرة الدهشة والاستغراب، وبعد صمت هنيهة قال:(أحب أن أعرف رأي مدير الفرقة في هذا الواقعة) فأجبته بأن مهمتي هي استطلاع رأيه هو لا نقل آراء زملائه إليه
لم أحاول الاتصال بالشيخ الثالث من أعضاء لجنة القراءة لأن مهام الحكم أبعدته عنها، فلم يبقى أمامي سوى رابع الشيوخ الإجلاء وقد كنت أؤمل أن يكون بعيداً عن تخبطات زميليه الفاضلين فيما قالاه عن النقد والنقاد وفيما زعماه من نضوج الفكر الروائي السريع ومن تقدم المسرح نحو الكمال؛ غير أن حضرته أعز الله به دولة الأدب قال لي ما نصه:(يمكنك أن تقول لقراء الرسالة أو من شئت من الناس إن فلاناً، وذكر اسمه مجرداً من اللقبين العلمي والحكومي، لا يريد أن يقول كلمة في الفرقة القومية) وأرى أن في إصراره على عدم الكلام هو التهرب، وهو يتهرب من الكلام عن المسرح الذي طالما تكلم عنه قبل أن يكون لنا فرقة قومية