الشبان، وتعرف أنهم يتسامون إلى أغراض لا تتحقق في عام أو عامين، فترى من الواجب أن تحمي أولئك الشبان من النزعات المتطرفة التي يخرج لهيبها من الجرائد والمجلات.
والواقع أيضاً أن حرية الصحافة في مصر تؤذي كثيراً من أهل الشرق، فهم يتوهمون أننا صرنا أعظم منهم لأننا نملك من الحرية الصحفية ما لا يملكون، ولو أنهم تدبروا لعرفوا أن حرية الصحافة في مصر لا تؤذي أهل مصر إلا قليلاً، لأن المصريين عرفوا مصايرهم السياسية والاجتماعية منذ أعوام، وهم لا يستوحون الجرائد في كل وقت، ولا ينزعجون حين يقرءون غرائب الاتهامات في الجرائد والمجلات بفضل ما درجوا عليه من نقد الأخبار والأحاديث.
وهذا الذي أقوله يفسر الخبر الذي قرأته في جرائد العراق منذ أسابيع، فقد أصدرت وزارة المعارف العراقية منشوراً يحرم على المدرسين أن يتعرضوا لغير الشؤون العلمية في ساعات الدروس.
وليس في هذا المنشور شيء من الغرابة، لأن المدرسين ممنوعون من الخوض في السياسة في جميع البلاد، ولكن تأكيد هذا المعنى من وقت إلى وقت شيء يحتاج إليه المدرسون في العراق.
قد سمعتم أشياء كثيرة عن العراق في هذا الحديث، منها الجِد الصارم ومنها المزاح المقبول، فاسمحوا لي أن أضيف إلى الصور السوالف صورة أجمل وأروع، وهي اهتمام أهل العراق بأخبار أهل مصر وشغفهم بأن يسمعوا ما يسرهم عن هذه البلاد.
فمن تقاليد الشبان والكهول في العراق أن يقرءوا المجلات المصرية وأن يستمعوا ما يلقى في الإذاعة المصرية، ومنهم من يعرف تخطيط القاهرة وإن لم يرها مرسومة في خريطة لكثرة ما يتأثر بالأوصاف المبثوثة في الجرائد والمجلات.
إن الشبان في العراق يتأثرون خطوات إخوانهم في مصر ويتمنون لهم المزيد من نعمة الصحة والعافية.
فيا أبناءنا في المدارس المصرية، تذكروا، ثم تذكروا
تذكروا أن لكم إخواناً في الأقطار العربية والإسلامية، وهؤلاء الإخوان يسألون عنكم في كل وقت، ويتمنون أن تتسع آفاق أذهانكم فتعرفوا أنكم لستم غرباء في الشرق، وأن الفتى