ذلك بمصدر ما نكره من الألم والحزن، ومن الكآبة والشقاء، وهو العقل والضمير.
أليس من الجد أن نهنئ الزيات إذا استدار العام وأقبل يوم الاثنين، فإذا الرسالة تستقبل الحياة واثقة بإقبال القراء عليها وتأييدهم لها، وحرصهم على أن يستقبلوها كلما دار الأسبوع قوية نشيطة، ممعنة فيما هي فيه من تصوير الحياة الأدبية الشرقية، والآمال الأدبية الشرقية بما فيها من جد وهزل، ومن قوة وضعف، ومن أمل ويأس، ومن نور وظلمة، ومن نشاط وخمول. بل أن من الجد كل الجد أن نهنئ صديقنا بهذا اليوم السعيد لقلبه وعقله معاً. وأن نتمنى لصديقنا أن يستدبر الأعوام والأعوام، وأن يستقبل هذا اليوم كلما أتم الفلك دورته بهاتين الابتسامتين اللتين تملان قلبه وعقله وضميره وغبطة واطمئناناً لأداء الواجب واستعداداً للنهوض بأعباء الحياة.
ومن جد الشتاء أن نذكر لهو الناس بلذات الشتاء، وما أكثر لذات الشتاء وما أعذبها، وما أشد تنوعها واختلافها، وما أحسن موقع بعضها من القلوب، وما أجمل أثر بعضها في النفوس، وما أقل حظنا من الرغبة في خيارها والإقبال على طيباتها. أما دور السينما فحافلة والحمد لله في جميع ليالي الأسبوع، وفي جميع أيامه، كثيرة ولكنها على ذلك مزدحمة بالمختلفين إليها، مكتظة عليها تعرض عليهم كثيراُ من السخف وقليلاً جداً من القيم المفيد، وهم بذلك راضون، وفي ذلك راغبون، لأنهم لا يبتغون إلا هذه اللذة اليسيرة القصيرة التي تلهيهم عن هموم الحياة وأثقالها ساعات من ليل، أو ساعات من نهار، وأما دور التمثيل فالأمر فيها مختلف، منها العربي الذي يعيد ما يبدئ، ويبدئ ما يعيد، يصاحب الحياة دون أن يحيا، ويستقبل الأيام والليالي، لأن الأيام والليالي تمر به وتغمره كما تمر بكل شيء، وكما تغمر كل شيء. لا يحدث جديداً ولا يبتكر طريفاً، والناس مع ذلك يغشون هذه الدور في كسل، وفتور لأنهم تعودوا أن يغشوها كما تعودوا أن يغشوا الأندية والقهوات ينفقون فيها ساعات فارغة من حياة فارغة. ثم يعودون إلى بيوتهم بنفوس فارغة وقلوب فارغة وأجواف ممتلئة. والله يعلم بأي نوع من أنواع الطعام والشراب، وأنك لتسأل نفسك وتسأل الناس وتسأل الأدباء، وتسأل النقاد عن القصة الطريفة من قصص التمثيل والآية البديعة من آيات الفن التي استقبلنا بها فصل الشتاء، فلا تظفر إلا بهز الرءوس ورفع الأكتاف وابتسامة فيها السخرية وفيها الحزن، وفيها اليأس من الحياة والازدراء للحياة