تعني الدم والنَّفَس، ولا زال النَّفَس يعد قوة سحرية، يسلطه السحرة على الأفاعي لتسكن إليهم وتطيع أوامرهم ولا تؤذيهم. وكانوا ينفخون على الجروح لتبرأ، ولا زال هذا معمولاً به إلى اليوم
وأنثوا الحرب، لان فيها ضراً وفيها نفعاً؛ يتخذونها مورداً لأرزاقهم، فيسبون ويغنمون، وإن كانوا يعرضون أنفسهم للتهلكة؛ وتاريخ العرب في الجاهلية على ذلك شهيد
وأنثوا من أعضاء جسم الإنسان أحد عشر عضواً، كاليد والأذن والعين، لأنها أوعية القوى التي يكون بها الإنسان إنساناً؛ وكانت اليد عندهم آلة البطش والقدرة والتأثير:(يدُ الله فوقَ أَيديهم)، (بيده المُلك).
وأنثوا من الآلات أحد عشر اسماً، كالفأس والرحى والدرع، لأنها تعنيهم على الإنتاج والدفاع والقوة.
وربما قال قائل: إن كل الأسماء التي ذكرتها خالية من علامات التأنيث، وقد اعتبرها العرب مؤنثاً مجازياً. وأقول: هو ذاك؛ هي مؤنثة باعتبار الفكرة التي كانت تدور في أذهانهم، ومع ذلك فالعلامة ليست شرطاً في التفرقة بين المؤنث الحقيقي والمذكر. خذ مثلاً: الأب، ألام. والحصان والفرس، والحمار والأتان. وتجد أن الصفات التي أختص بها المؤنث لا تحتاج إلى علامة مثل: مرضع وحامل وحائض وعاقر، وثيب وعانس. وذلك لأن فكرة التأنيث عند ذكر هذه الصفات والأسماء كانت حاضرة في مخيلتهم. ويذهب العلامة برو كلمان إلى أبعد من ذلك فيقول: لم تكن الحاجة ماسة في أول الأمر للتمييز بين المؤنث والمذكر بعلامة، إذ كانت الطبيعة قد وضحت بينهما. وهذه الكلمات التي ذكرت آنفاً تعتبر من أقدم الكلمات في اللغات السامية. ووضعت علامة التأنيث فيما بعد لما أعتبره الساميون مؤنثاً لتقوية الكلمة وتشديدها وزيادة تمييزها عن غيرها
أما الأمور المعنوية، كالرحمة والقسوة، والشفقة والبغضاء، والبلواء، والسعادة والبأساء، فلأنها أمور دقيقة لم يستطع ذلك الإنسان الفطري إدراك كنهها، وإنما عرفها بآثارها الظاهرة المحسوسة، فألحقها بالمؤنث، ووضع لها العلامة لان فكرة التأنيث بها ربما كانت غامضة، أو ضعيفة فقواها
أما الجموع فأمرها هين ولا سيما جموع العقلاء، مثل عامل وعملة، وكاتب وكتبة، وصبي