سائرة ومتجهة. على أن (أرينبوس) بيَّن فيما بعد أن انحلال الجسم الذائب في سائل ما إلى أيون لا يحدث تحت تأثير مرور تيار كهربائي. بل إن هذا الانحلال يحدث لمجرد ذوبان الجسم في السائل؛ ذلك لأن ذرة كل جسم تتكون من نواة ذات شحنة موجبة يحيط بها كهيربات ذات شحنات سالبة يدعونها (إلكترون) تعادل الشحنة الموجبة فتصبح الذرة متعادلة لا هي موجبة ولا هي سالبة؛ فإذا ما أذيب جسم في سائل يضطرب هذا التعادل بأن تفقد الذرة كهيربا سالباً فتصبح موجبة أو تكسب كهيرباً سالباً فتصبح سالبة.
فإذا أذبنا حامضا في سائل ما، وليكن حامض الكلوريدريك المكون جزآه من ذرة من الكلور وذرة من الهيدروجين فإن بعض هذا الحامض ينحل إلى ذرات كلور ذات شحنة سالبة، وذرات هيدروجين ذات شحنة موجبة. ولكن ذرات الهيدروجين المكهربة هي التي تعين الحموضة، فكلما كانت قابلية الحامض إلى الانحلال كبيرة، وبالتالي عدد أيون الهيدروجين المنتشرة في السائل كبير، كانت درجة الحموضة كبيرة، بصرف النظر عن كمية القلوي الذي يمكن أن يعادلها ذلك الحامض، والتي تعين قوته الحامضية الكاملة. وكذلك الحال في جسم قلوي مثل الصودا الكاوية المكون جزآها من ذرة صوديوم متحدة مع مركب يدعونه هيدروكسيل يتألف من ذرة هيدروجين وذرة أوكسجين، فإذا أذيبت الصودا الكاوية في سائل فإن جزءاً منها ينحل إلى ذرات صوديوم تحمل شحنة موجبة، والى عدد من الهيدروكسيل المذكور يحمل شحنة سالبة. وكما أن عدد ذرات الهيدروجين المكهربة هو الذي يعين درجة الحموضة الحالية، فإن عدد الهيدروكسيل المنتشر هو الذي يعين درجة القلوية الحالية
ولكن ظاهرة الانحلال هذه تحدث حتى بالنسبة للماء النقي؛ فنحن نعلم أن جزئي الماء يتكون من ذرة أوكسجين يرمز لها بالحرف (أ)، (أي الحرف الأول من أوكسجين) وذرتين هيدروجين يرمز لكل منهما في العربية بذلك الرمز العجيب (يد)، (الحرفان الثاني والثالث من هيدروجين). وهنا أحب أن يسمح لي القارئ أن أترك موضوعنا لحظة لكي أعلق على هذا الرمز الغريب، فلست أشك أن المترجم المصري عندما أراد ترجمة الرمز الدولي بدء النهضة العلمية الحديثة في مصر منذ نحو ربع قرن، ظن أن الكلمة هي إيدروجين بإبدال الهاء همزة كما يحصل في النطق الفرنسي، ويدل على ذلك ما جري عليه الكيميائيون في مصر من كتابة هذا العنصر على هذا النحو الأخير أي إيدروجين. ولما كان الحرف (أ)