سبق أن ذكرت أن المواد الزلالية تتركب من أحماض أمينية تحتوي جنباً إلى جنب على وظيفة حمضية ووظيفة قلوية؛ وعلى ذلك من السهل أن نفهم أن المواد الزلالية تنحل فتترك ذرات هيدروجين موجبة من جهة كما يحدث في الأحماض، وهيدروكسيل سالبة من جهة أخرى كما يحدث في القلويات.
فإذا ما كانت درجة الحموضة الحالية ج يد في الوسط الموجودة فيه هذه المواد الزلالية كبيرة فإن هذه المواد تسلك كما لو كانت قلوية فقط فلا تنحل إلا إلى أيونات هيدروكسيل (أو على الأقل فإن النتيجة العملية هي كذلك)، وبالعكس فيما لو كانت درجة حموضة الوسط قليلة أي قلوية؛ وبين هذين الطرفين توجد نقطة في درجة الحموضة تنحل عندها الزلاليات إلى مقدار متساو من أيون الهيدروجين وأيون الهيدروكسيل، فيحدث نوع من التساوي الكهربائي يمكن أن نرمز له هكذا ج يد س (س=الحرف الأول من الفعل الماضي أصل الاشتقاق ساوي)
والآن من السهل أن نفهم أهمية نقطة التساوي هذه إذا تذكرنا أن العامل الرئيسي في ثبات المحلولات الغروية هو وجود شحنة كهربائية تمنع الجزيئات من التهالك، ولما كانت هذه الشحنات الكهربائية تنحط إلى مقدار ضعيف عند نقطة التساوي ونتيجة لهذا التساوي، فيمكننا أن نتنبأ بقلة ثبات المحلولات الغروية وبالتالي المادة الحية وميلها إلى الانهيار عند هذه النقطة. وهذا ما يحدث بالفعل ويوضح لنا أهمية درجة الحموضة ج يد والخطر الذي ينتج من تغيرها على مظاهر الحياة.
وأخيراً فإن الفضل يرجع إلى سورنسن في بيان أهمية درجة الحموضة بالنسبة للتفاعلات الخميرية، فقد بين كيف أن الخمائر - وهي تلك المواد الخاصة بالكائنات الحية تساعدها على تحقيق التفاعلات الكيميائية - لا تقوم بعملها إلا في درجة حموضة معينة خاصة بكل خميرة؛ فنحن نعلم مثلاً أن خمائر المعدة لا تقوم بعملها في الهضم إلا في درجة حموضة معينة مرتفعة بالنسبة لدرجة الحموضة اللازمة لخمائر الأمعاء.
وفي النهاية لست أحب أن أترك القارئ يفهم أن جميع المسائل التي ذكرتها ومحصولنا العلمي فيها يرجع إلى أبحاث سورنسن وحده، فإني أكون إذن تعديت الأمانة التاريخية؛ ولكنه لم يكن في استطاعتي أن أبين قيمة أبحاثه دون أن أذكر بجانبها الأبحاث التي