تلك هي نتائج الانتصار في المعركتين وأثره في الداخل والخارج. . قال لنكولن عندما قرأ رسالة جرانت:(الآن يستطيع أبو المياه أن يذهب من جديد إلى البحر وليس في سبيله عائق). . واجتمع الناس في حفل كبير في مكان معركة جتسبرج ليمجدوا ذكرى ضحاياها وطلبوا إلى الرئيس أن يخطبهم في هذا الحفل المشهود فكان مما قاله:(منذ سبعة وثمانين عاماً أقام آباؤنا في هذه القارة أمة جديدة، نشأت على الحرية وعلى ما نودى به من أن الناس خلقوا جميعاً على سواء، ونحن الآن في حرب أهلية هي بمثابة اختبار لنرى هل تستطيع هذه الأمة أو أية أمة نشأت نشأتها أن تعيش طويلاً. . . ونحن نجتمع هنا لنخلد موضعاً منها نجعله مقراً نهائياً لهؤلاء الذين بذلوا أرواحهم كي تستطيع أمتهم أن تعيش؛ وهذا عمل مناسب ولائق بنا، ولكنا لن نستطيع في معنى أوسع أن نخلد أو نقدس هذه البقعة. . . إن البواسل من الرجال سواء في ذلك الأحياء والأموات الذين ناضلوا هنا قد خلدوها أكثر مما تستطيع قوتنا أن تزيد عليها أو تنقص منها وإن العالم سوف لا يهتم كثيراً وسوف لا يتذكر طويلاً ما نقول هنا ولكنه لا يستطيع أن ينسى ما فعل هؤلاء). . . ثم زاد على ذلك فقال (يجب أن نصمم على ألا ندع موت هؤلاء يذهب عبثاً وعلى أن تعطى هذه الأمة في عناية الله مولداً جديداً هو مولد الحرية، وعلى أن تكون حكومة الشعب التي قامت بالشعب وللشعب، بحيث لا تزول أبداً من فوق الأرض)
هذا هو خطاب الرئيس الذي سمعه الناس في تلك البقعة التي صبغتها دماء المجاهدين. ولقد وصلت كلماتها إلى أعماق نفوسهم فهزتها هزاً لم يتمالك معه الكثيرون أن يحبسوا دموعهم من فرط ما أحسوا من المعاني. . .
وآمن كثير من دعاة الهزيمة والتردد بما كان لثبات الرئيس من فضل، وأيقنوا أن سوف يكون مرد انتصارهم في النهاية إلى هذا الذي يحمل أثقال قومه فلا ينوء بها ولا يزداد على المحن إلا صلابة واعتزاما.
ولاحظ عليه المتصلون به أن تلك الشدائد وإن لم تنل من عزمه، قد نالت من جسده، ورأوا السنديانة يمشي إليها الذبول شيئاً فشيئاً حتى ليخافوا أن تذوى فتسقط - أجل فزع الناس أن يروا إبراهام تتجمع وتتزايد في وجهه التجاعيد وهو من صدر شبابه لم يك خلوا منها، وأن يلمحوا في صفحة هذا الوجه المحبوب إمارات الجهد، وفي نظرات تلك العينين الواسعتين