للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أثر السهد وطول العناء. . .

ولكن روحه أقوى واعظم من أن يتطرق إليها الوهن، أو أن تتأثر بشيء مما يصيب جسده. . . أليسوا إذا جلسوا إليه لا يزالون يستمتعون بأحاديثه العذبة ونكاته المطربة الظريفة؟ أو ليسوا يسمعون حتى في تلك الأيام ضحكاته التي قد يطلقها أحياناً فتذهب في أرجاء الحجرة مجلجلة مدوية؟ ذهب إليه أحد الرجال في أمر من الأمور الهامة فأخذ الرئيس يقص عليه من قصصه حتى لم يطق الرجل صبراً فقال وفي لهجته حدة وفي عبارته شدة: (أيها الزعيم إني ما جئت هنا هذا الصباح لأسمع قصصاً. . . إن الوقت عصيب). فاستمع إلى الرئيس يقول له في رزانة وأدب (اجلس يا أشلى، إني احترمك كرجل مخلص ذي حمية، وإنك لم يبلغ اهتمامك أكثر مما بلغ اهتمامي هذا الذي ما فارقني منذ أن بدأت تلك الحرب، وإني أقول لك الآن إنه لولا هذا الذي نفس به أحياناً عن نفسي لحاق بي الموت).

ومن أولى من هذا الرجل وأحق أن ينفس عن صدره في هذه الشدائد المتلاحقة؟ هذا إلى أنه فيما يفعل إنما يصدر عن طبيعة لا قبل له بالتخلص منها. ولقد كان مما يستعين به في ضيقه أن يقرأ، وكانت مآسي شكسبير وفي طليعتها ماكبث ما يتناوله من الكتب. وأنه يفرح ويهش لمن يشاركه عواطفه وميوله كما أنه كان يضيق بالمتزمتين اللذين يزيدون الحياة بتبرمهم وسخطهم أثقالاً فوق أثقالهم. .

وسار العام الثالث إلى نهايته والبلاد يتزايد أملها في النجاح بعد أن كاد يعصف اليأس بالقضية كلها فيأتي عليها، فلقد رأينا ما كان من دعاة أعداء الحرب وعملهم على عرقلة مساعي الرئيس ومن هؤلاء ولدنجهام الذي مر بنا ذكره. . . وهنا نشير إلى رجل آخر هو حاكم ولاية نيويورك، فلقد كان هذا الرجل من أكبر المنادين بضرورة وضع حد لهذه الحرب أن كان لا يصيب الشماليين منها إلا الهزائم. . . ولقد أدت سياسته إلى قيام ثورة عنيفة في مدينة نيويورك قام فيها المشاغبون ودعاة الفوضى بأعمال عنيفة، وبالغوا في تمردهم وعصيانهم، حتى اضطرت الحكومة أن ترسل عليهم فريقاً من الجند يقضون على الفتنة. ومن غريب أمر هؤلاء المتمردين أن قامت حركتهم التي دبروها من قبل عقب الانتصار في جتسبرج وفكسبرج، وسبب عصيانهم يرجع إلى قرار أصدره المجلس

<<  <  ج:
ص:  >  >>