التشريعي في مستهل ذلك العام بناء على اقتراح الرئيس يحتم على كل رجل صحيح البدن بين العشرين والخامسة والأربعين أن يحمل السلاح في سبيل قضية الاتحاد. . . ولقد كانت حركة نيويورك هذه من مآسي ذلك العام، ولولا أن جاء النصر وأشرق نور الأمل في ظلام اليأس لكان من الجائز أن تمتد الفتنة فتأنى على كل شيء.
وافتتح العام الرابع والأحزاب تتأهب للانتخاب، فلقد قرب موعد الانتخاب للرياسة، ورأى المخالفون الفرصة تواتيهم ليعلنوا ما في نفوسهم نحو الرئيس لنكولن وسياسة حكومته.
وظهرت في الصحف وتواترت على الألسن أسماء مرشحين جدد لينافسوا الرئيس؛ فإن الديمقراطيين كانوا يقدمون ماكليلان، ذلك الذي انسحب من الحرب على نحو ما رأينا؛ وكان بعض الجمهوريين، وعلى رأسهم جريلي، ذلك الذي ما فتئ ينتقد الرئيس ويسدي له النصح، يرشحون جرانت وتشيس وزير المالية، وفريق منهم رشحوا فريمونت لهذا المركز السامي.
ولبث الرئيس مطمئناً ساكناً إن خاف على شيء فليس خوفه على كرسي الرياسة، ومتى ذاق طعم الراحة في ذلك الكرسي؟ وإنما كان يخشى أن يترك قيادة السفينة لربان غيره وهي لما تزل في طريقها، ولو أنه كان موقناً أنه يوجد غيره يقودها كما يقود هو لما تردد أن يعطيها له، فحسبه أن تصل إلى المرفأ. . . وكثيراً ما كان يقول: إنه لو وجد في الرجال من يحسن إدارة الأمور خيراً منه لتنازل له عن طيب خاطر بل لقبل ذلك مبتهجاً إذ يرى فيه وسيلة من وسائل النجاح.
على أنه يترك الأمر للبلاد فهي صاحبة القول الفصل، قال في تلك الأيام لبعض جلسائه:(إن انتخابي للرياسة مرة ثانية إنما هو شرف عظيم كما أنه عبء عظيم، وإني لن أجفل منهما إذا قدر لي ذلك. . .
ولكن البلاد لم تبغ من رجلها بديلاً، وما لبث أن أدرك مخالفوه أنهم كانوا واهمين، وكيف تتخلى البلاد عن ذلك الذي تدين بنجاحها له؟ ولماذا ينصرف عنه الناس ومكانته عندهم في صميم قلوبهم؟ لأنه أبلى فاحسن البلاء، وصبر فاجتنى من الصبر الظفر، وسهر فلم يشك يوماً من السهر؟. . . لقد كان الناس يدعونه في تلك الأيام بقولهم: (أبونا إبراهام) وكانوا يخاطبونه فيقولون: يا أبانا ماذا ترى في كيت وكيت، وما كان أحلى هذا اللقب يضاف إلى