عن أبي عبيدة قال: قالت امرأة دريد له: قد أسننت، وضعف جسمك، وقتل أهلك، وفنى شبابك، ولا مال لك ولا عدة، فعلى أي شيء تعول إن طال بك العمر؟ أو على أي شيء تخلف أهلك إن قتلت؟ فقال دريد:
أعاذل، إنما أفني شبابي ... ركوبي في الصريخ إلى المنادي
وبعد أن روى أبياتاً من هذه القصيدة قال:
هذا الشعر رواه أبو عبيدة لدريد، وغيره يرويه لعمرو بن معد يكرب، وقول أبي عبيدة أصح. إلى أن قال:(وخلط المغنون بهذا الشعر قول عمرو بن معد يكرب في هذين اللحنين:
أريد حِبَاَءه ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد
ولو لاقيتني، ومعي سلاحي ... تكشف لحم قلبك عن سواد اهـ
ومثل ذلك في معاهد التنصيص ص٢٢٥ ج١، الطبعة البهية المصرية.
فالبيت على رواية سيدي الأستاذ - مع استبدال حباءه بحياته - لعمرو بن معد يكرب، لا لدريد بن الصمة، كما قال حضرته، وقد كنت أجزم بذلك من قبل، بيد أن شاعراً (أنسيته) أورده على سبيل التضمين، مقلوباً في قصيدة لامية، فكانت صورته في نفسي أنسب بمضمون كلمتي، ولذلك لم أنسبه والأمر سهل، والعصمة لله وحده.
أزهري
مكتب البعث العربي
إن البسالة العربية التي أعرب عنها المجاهدون العرب في فلسطين، في مواقفهم الدامية وجهادهم الدائب لهي من الأمور التاريخية التي ترفع جبين القومية العربية عالياً وتوقظ في الشعب أحلام الوطنية الصحيحة والتفاني المجيد. ولا شك أن ثورة فلسطين التي هي ثورة الحق على الباطل، وثورة العدل على الظلم، هيأت الأسباب التحريرية الباعثة على النهوض في قابلية العرب الطبيعية اللذين منهم الأفراد المهاجرة في الأمريكتين الجنوبية والشمالية، وأفريقيا الفرنسية والإنكليزية وسائر المقاطعات الأخرى، وهؤلاء الأفراد الذين نزحوا بأجسامهم إلى ما وراء المحيطات الهائجة الصاخبة، وتركوا قلوبهم ثائرة في أقاليمهم