ركب المحمل المصري سنة ١٣١٨ من الهجرة في ١٢٥ ساعة وخمسين دقيقة في أربعة عشر يوماً. وتقطعها السيارات الكبيرة اليوم في أربعة عشرة ساعة، ولكن المسافرين يحتاجون إلى الراحة مرات على الطريق فيبيتون ليلة في بعض المراحل، والطريق كله غير معبّد، وفيه مسافة قصيرة رملية تسوخ فيها السيارات إن لم يحذر السائق
وقد خرجنا من جدة إلى المدينة بعد المغرب فبلغنا رابغاً بعد سبع ساعات، وبتنا بها ثم استأنفنا السير ضحى آملين أن نبلغ المدينة في نهارنا ولكن ساخت بعض السيارات في الطريق فآثرنا أن نبيت في مكان اسمه أبيار بني حصان. وخرجنا منها ضحى فبلغنا المدينة بعد العصر. ولكنا في رجوعنا إلى جدة خرجنا من المدينة ضحى فبلغنا رابغاً وقت العشاء بعد أن استرحنا في الطريق ساعتين ونصفاً في ثلاثة مواضع. وبتنا في رابغ وتركناها ضحى فبلغنا جدة ظهراً بعد سير خمس ساعات. فكان سيرنا من المدينة إلى جدة ثلاث عشرة ساعة ونصفاً. وإذا أصلح الطريق سهل أن تقطع المسافة كلها في عشر ساعات. وأمكن الراكب المتعجل أن يقطعها في ثماني ساعات أو سبع. وما أقرب هذا سفراً وأيسره
- ٢ -
ولست أقول إن وسائل الحج بلغت من اليسر والنظام الغاية التي نرجوها؛ ولا أزعم أن الحرمين الشريفين والحجاز، في الحال التي يتمناها مفكرو المسلمين؛ فلا يزال المسلمون يرجون للحجاز نظاماً وعمراناً لا يذكر معه ما يسره الله في السنين الأخيرة من الإصلاح والتنظيم ولا يزال مفكرو المسلمين يطمعون في أن يروا في الحجاز آثار التعاون الإسلامي، وبذل المال في سبيل الله حتى تكون أحوال الحجاز مكافئة لمكانته عند المسلمين ومصورة عناية المسلمين به وتقديسهم إياه
لا يزال المسلمين يتمنون أن يروا الحجاز آخذاً من ثروة المسلمين وعلومهم وفنونهم ما تأخذه الأماكن المقدسة الأخرى من الذين يقدسونها
وما أسعد المسلم الغيور على دينه المعنيّ بإقامة شعائره يوم يذهب الى الحجاز فيرى الطرق ممهدة بين جدة ومكة فمنى فعرفات وبين جدة فالمدينة، ويرى في طريق المدينة فنادق يأوي إليها فيجد راحته وطعامه وشرابه كما يشتهي، ويجد مواضع للوضوء والصلاة