شنيعة بالنسبة لي وحدي، لأنه لم تكن لي هذه التجربة من قبل، مثل باقي زميلاتي، اللاتي اعتبرن حدوثها لي حسن حظ وتوفيق أتى للجماعة الكشفية، عن طريق الساحرة المصرية، التي تعرف سر الكشف عن الكنوز في زعمهن.
هذه هي قصة الحادثة الغريبة التي سبق أن حدثت لي، وكان يجب أن أكون أكثر شجاعة مما كنت تلك الليلة في مضارب شمر. ولكن ليذكر القارئ أن شعور الأمان والنظام الذي يحسه الإنسان في بلاد الإنجليز، غير الشعور الذي يحسه في أي بلد آخر. فما بالنا بما يشعر الإنسان به بين اشد القبائل البدوية مراسا وقوة! إن تلك الحادثة على فظاعتها وما سببته لي من رعب لم تكن أشد تأثيراً في نفسي من تلك الليلة في خيمة البادية.
لم أذق للنوم طعماً طول تلك الليلة، لا خوفاً من البدو والعرب أنفسهم، ولا من عبيد الشيخ كما توهمت، بل بالتحليل النفسي الذي شغلت نفسي به، توصلت إلى التعليل الآتي، وأظنه معقولاً تماماً:
١ - كان الطريق وعراً جداً وطويلاً متعباً إلى أقصى حد احتملته، فضعفت عندي قوة المقاومة والتعليل الوقتي المتزن.
٢ - هذا بالإضافة إلى حياة مباينة كل التباين لما سبق أن أعتدته زمناً طويلاً من النوم داخل مبان، مما جعلني أشعر أني أنام في العراء، وسبب هذا لي وحشة شديدة لم تتحملها أعصابي وجسمي المتعبان، فحدث لي الأرق والرعب.
ومع كل هذا أشهد أني قمت في الصباح، تاركة فراشي على أحسن ما يمكن من الصحة والنشاط، كما لو كنت نمت الليل كله ملء جفني، فإن الهواء هناك صحي منعش، وبذلك قد عوضني بدل النوم، ولعل هذا سبب ثالث لعدم نومي، ولعله من الأسباب المهمة أيضا في قوة بنية البدو أنفسهم.
الحياة الاجتماعية عند البدو (قبائل شمر)
لهم مجالس محادثات في الأمور المعاشية، ثم لهم مجالس الشعر والرواية. وتستعمل الربابة قليلا، والموسيقى كانت من أهم الأشياء التي افتقدتها في العراق وكردستان، وفي الجزيرة.
أما الراديو، فيعوض الآن جانبا كبيراً من هذا النقص، و (يتونس) به البدو على حد تعبيرهم بدرجة محسة كلما أداره الشيخ