النظام الهتلري ذلك بأن ألمانيا قد أصبحت كلها تدين بمبادئ الوطنية الاشتراكية وغاياتها وتؤيد سياستها ووسائلها بكل ما وسعت؛ ولكن كيف يمكن استجلاء الرأي العام إذا جرد من كل وسائل الإعراب والإفصاح؟
هذا وأما من جهة تركيز السلطة فقد خطت الوطنية الاشتراكية في ذلك خطوة جريئة؛ وأصدر المستشار هتلر مرسوماً يقضي بإلغاء استقلال الحكومات والمجالس الاتحادية ويخضعها بطريقة مباشرة لسلطة الحكومة المركزية ويجردها من لك سلطة معارضة؛ وتلك بلا ريب خطوة هامة في سبيل تدعيم الوحدة الألمانية؛ وتدعيم هذه الوحدة كما رأينا من أخص غايات الوطنية الاشتراكية. ونستطيع أن ندرك أهمية هذا الانقلاب متى ذكرنا كيف كانت الحكومات المحلية في بعض الولايات القوية (مثل بافاريا) تقاوم في كثير من الأحيان سياسة الحكومة المركزية وأعمالها. وكيف كانت الدسائس الأجنبية تتسرب إليها لتنظم فيها دعوة الانفصال (مثلما حدث في منطقة الرين أيام احتلال الحلفاء) تمزيقاً لوحدة ألمانيا وأضعافاً لها. وقد حقق هر هتلير في ذلك غاية جليلة، وأتم العمل العظيم الذي بدأه بسمارك في سبيل الوحدة الألمانية. وثمة خطوة أخرى اتخذت في سبيل تركيز السلطة السياسية هي إلغاء نظام النقابات القديم وتنظيمها طبقاً لدستور جديد يحرم عليها كل عمل سياسي ويجعلها بما تضم من ملايين عديدة خاضعة للحكومة من حيث توجيهها الاقتصادي والاجتماعي؛ وهذا أيضاً تقليد من جانب الوطنية الاشتراكية للفاشستية الإيطالية التي عرفت قوة النقابات فنظمتها واستخدمتها لغاياتها.
وقد بذلت الحكومة الوطنية الاشتراكية جهوداً لا بأس بها لمكافحة العطلة وإنعاش الزراعة والتجارة؛ وحذت حذو الفاشستية في العناية بأخلاق النشء ومطاردة ألوان الفساد الاجتماعي والجنسي، وتعزيز الميول الرياضية والأخلاق المحافظة؛ وفي الحد من حرية المرأة وتدخلها في الشئون العامة، وتوجيهها إلى المنزل والأسرة. وتلك من عناصر قوتها وتقدمها.
والآن ننتقل إلى مشكلة من أخطر وأدق المشاكل التي أثارتها الوطنية الاشتراكية الألمانية: تلك هي مشكلة الجنس وتطهيره وتفوقه، أو بعبارة أخرى هي المسألة اليهودية: ونحن نعرف أن سحق اليهودية الألمانية غرض أساسي من أغراض الوطنية الاشتراكية، وأنه