أول من نوه في منتصف القرن الماضي بأهمية الفوارق الجنسية بين الجنس الآري والجنس السامي، وبتفوق الآريين في الذهنية والخواص الجنسية على الساميين، وتبعه المؤرخ الفرنسي رينان في التنويه بانحطاط الأجناس السامية. وقد كانت ألمانيا منذ أواخر القرن الماضي مهداً خصباً لخصومة السامية (أ. حركة اضطهاد اليهود) وكان بسمارك قبل قيام الإمبراطورية يصادق اليهود ويعتمد عليهم في تحقيق سياسته لأنهم كانوا بين الأحرار قوة بارزة، وكان الأحرار يؤيدون وحدة ألمانيا، فلما تحققت الوحدة الألمانية انقلب بسمارك لمحاربة الأحرار واليهودية ووجد في خصومة السامية سلاحاً قوياً، وتفاقمت الحركة غير بعيد، وأيدها المحافظون ورجال الدين وسرت الصحية بأن اليهود خطر على ألمانيا والفت صداها في الرأي العام بقوة. وعرض اليهود إلى صنوف الاضطهاد والزراية واقترح بعض النواب إبعاد اليهود عن الوظائف والمدارس، ونظمت الجهود لمقاطعة التجارة اليهودية، وكادت الحركة تضرم في ألمانيا نار الحرب الأهلية لولا أن رأى جماعة من العقلاء والمفكرين وعلى رأسهم ولي العهد (الإمبراطور ولهلم الثاني فيما بعد) خطورة الحركة وسوء عواقبها، فأذاعوا منشوراً وقعه كثير من أعلام العصر شرحوا فيه أخطار هذه الخصومة القومية، ووصفوها بأنها وصمة في شرف ألمانيا، وناشدوا الشعب أن يخلد إلى السكينة والاعتدال فهدأت الحركة واضمحلت بسرعة وانصرف عنها معظم العقلاء والمعتدلين،
وهذه نفس النظرية - نظرية الخصومة السامية - التي نقلها هر هتلر وصاغها في برنامج حزبه كمبدأ أساسي يجب أن تعمل الوطنية الاشتراكية مذ تولت مقاليد الحكم لسحق اليهودية بمنتهى العنف والقسوة والسرعة، فطاردت اليهود في كل مناحي الحياة العامة بشدة، وقضت الحكومة الهتلرية بطرد جميع الموظفين غير الآريين (اليهود) من وظائفهم في جميع مصالح الحكومة المركزية والمحلية، وإقصاء جميع المستخدمين والعمال اليهود عن أعمالهم في جميع الجهات والهيئات والأعمال، وعزل جميع القضاة وأساتذة الجامعات والمعلمين اليهود، وقضت بطرد الأطباء اليهود من جميع المستشفيات العامة وشطب أسمائهم من سجل الأطباء والجمعيات الطبية، وفرضت عليهم في مزاولة العمل الخاص قيوداً تستحيل معها مزاولة المهنة، وحرمت على معظم المحامين اليهود مزاولة مهنتهم،