لقد كان في تقريرك أن بين أدب الرافعي (وبين الأكثرين من ناشئة المتأدبين حجاباً كثيفاً يمنعهم أن ينفذوا إليه أو يتأثروا به) للأسباب التي ذكرتها في عدد الرسالة ٢٨٥، تعميم قد يكون فيه تجن على الحقيقة، وقد يصدق على القليلين الذين لا ذنب للرافعي - رضوان الله عليه - في أن تكون على بصائرهم غشاوة فلا يفقهون. والذي أعرفه - ويعرفه كل أديب ومتأدب في الأقطار الشقيقة - أن الكثرة المطلقة من هؤلاء مدينة لأدب الرافعي في توجيهها إلى طريق الأدب الصحيح، وأن الناس هنا لينزلون الرافعي من نفوسهم منزلة الأولياء والصالحين. وليس أدب الرافعي من السهولة بالمقدار الذي توهمه بعض المدرسين عندكم، فظنوا أن في إمكانهم هدمه بوسائلهم البسيطة التي تقدموا بها، بل هو أدب خالد سيكون له شأن عظيم عند الأجيال المقبلة في التاريخ.
وإن كل عربي وكل مسلم في الأقطار الشقيقة ووراء بحر الظلمات في الأمريكتين، ليحس بأثقل من التبعات التي تحس بثقلها على عاتقك، ويود من أعماق شعوره أن يجد وسيلة عملية يعبر بها عن وفائه للرافعي رضوان الله عليه؛ وإنني لأشعر بأنني أعبر عن آراء الجماهير المتأدبة في الأقطار الشقيقة، حينما أقترح عليك أن تتفق مع إحدى دور النشر الكبرى في عاصمة الفاروق على إعادة طبع جميع مؤلفات الرافعي التي نفدت طبعاتها الأولى من دكاكين الوراقين، وأن تحضر للطبع أيضاً المؤلفات الأخرى التي لما تطبع، وأن تبادر إلى الإعلان عن ذلك لتسديد نفقات الطبع عن طريق الاشتراك، بعد أن يذكر اسم كل كتاب ومقدار الاشتراك فيه، في مجلة الرسالة التي لا أشك في أن الأستاذ الزيات سوف لا يضن بفراغ في بعض صفحاتها لذلك الإعلان مدة طويلة، وأنا كفيل أنك ستجد الوفاء عملياً كيف يكون. وانتظاراً لما ستقوم به في هذه الناحية العملية، أسأل الله أن تكلأك