وإنْ لم تكوني بنت أكرم والد ... لكان أباك الضخم كونك لي أمَّا
وللمعري قصيدته الطويلة الفخمة في سقط الزند في رثاء أمه التي يقول فيها:
مضتْ وقد اكْتهلت فخُلتُ أني ... رضيع ما بلغتُ مدى الفِطام
ويقول:
سألتُ متى اللقاء فقيل حتى ... يقوم الهامدون من الرجام
فليتَ أَذِينَ يوم الحشر نادى ... فأجهشت الرمام إلى الرمام
ولكن قصيدة الشريف أسهل وأسلس وأكثر وجداناً وهي التي مطلعها:
أبكيك لو نقع الغليل بكائي ... وأقول لو ذهب المقال بدائي
وهي كلها ألصق بالموضوع من بعض أجزاء قصيدة المعري. ولابن نباتة السعدي قصيدة تستجاد في رثاء أمه يقول فيها:
فَقدْتُ كبيراً بِرَّ أم حَفِيَّة ... كما فقد الثَّدْيَ المعلّل مُرضعُ
تُبادرُ نحوي تبتغي أن تسرني ... ولم تدْرِ أني بالسرور أُرَوَّعُ
إلى أن قال:
إلى أي تعليل وأي مَبَرَّةٍ ... وود نصيح بعد ودك أرجع
ولأَمْرٍ ما تذكرني قصيدة الشريف بقصيدة كوبر الشاعر الإنجليزي في رثاء أمه؛ ولعل الذكرى لأثرهما في الوجدان فحسب لا لشبه كبير.
وللشريف قصيدة في التعزية تستحب للتلطف في التعزية تلطفاً يجيده الشاعر الوجداني وهي التي مطلعها: (لو رأيت الغرام يبلغ عذراً).
وقصائد الشريف في رثاء جده الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مشهورة جيدة فخمة، ولكنها في نظري من حيث هي شعر وجداني أقل مما ذكرت من القصائد. وربما أكون مخطئاً، وهي لا ينقصها التحرق والتأسف ولكن قيمة الشعر الوجداني ليست بالتحرق والتلدد فحسب، ولا بالفخامة ولا بدقة المنطق ولا بعكسه، وقد يكون الشعر الوجداني عكس المنطق إذا كان العكس يعبر عن صدق العاطفة، فقول الشريف في تشتت قومه وآله:
ما كان ضر الليالي لو نفَسْنَ بهِم ... على النوائب واستثناهُمُ القَدَرُ