المتبعة في حل المسائل الأخرى التي تتعلق ببلادهما) وتقوية لهذه السياسة ألقى السير توماس أنسكيب، وزير الدفاع الوطني خطبة في ١٢ أكتوبر (تشرين أول) قال فيها: (إنني أعتقد أننا سائرون في الطريق المؤدية إلى إنشاء علاقات ودية مع الشعب الألماني العظيم في وسط أوربا. وأثمن هدية نستطيع تقديمها إلى عالم متزعزع أهوج هو السلام بيننا وبين ألمانيا). ومن شأن هذه السياسة تمكين الهر هتلر من تحقيق مطامعه. لأن القوة الوحيدة في أوربا التي تجعل الهر هتلر يفكر قبل العمل على تحقيق مطامعه الواسعة هي جيش فرنسا العظيم تسنده القوى البريطانية، وتفريق هاتين القوتين بعضهما عن بعض يعوق الجيش الفرنسي عن العمل، ويمكن الهر هتلر من تحقيق ما يريد
وما يريده الهر هتلر أمر عظيم خطير، يشرحه (كتاب النازي المقدس) وتجمله جملة منه إذ يقول زعيم ألمانيا (إنه ليس من الضروري، مهما كانت النتائج، اللجوء إلى الحرب، إذا أريد حقاً الوصول إلى السلام. وفي الحقيقة أن الفكرة الإنسانية والإنشائية ربما تكون جيدة في اليوم الذي يقهر فيه الرجل المتفوق على الجميع، العالم ويسود ويصبح وحده سيد الدنيا. الحرب أولا وربما بعدها السلام).
وهذه الجملة واضحة جليلة، ترى أن الهر هتلر يطمح إلى سيادة العالم سيادة أوربا فقط. وقد مكن اتفاق مونيخ الذي كان أعظم نصر حازه الهر هتلر زعيم ألمانيا من أن يكون الرجل الأول في أوربا والمتفوق على جميع ساستها؛ ومن أن يبدأ في نشر نفوذه عليها وسيادته لها.
يستغرب المرء تسليم فرنسا وبريطانيا العظمى في مونيخ، ويجعله يتساءل كيف سلمت فرنسا بمعقلها في وسط أوربا، ولنفوذها السياسي في جنوبي أوربا وشرقيها؟ فهدمت بذلك ما بنت خلال العشرين سنة الماضية، وخسرت حلفاء وأصدقاء، وسهلت وضعهم تحت النفوذ الألماني! وكيف قبلت بريطانيا اختلال التوازن الدولي؟ ذلك التوازن الذي كانت دائماً وأبداً تبذل الجهود وتدخل الحروب في سبيل المحافظة عليه.