الفرات الشرقية، حيث يتفرع منه النهر الكبير الذي عرف فيما بعد
باسم نهر عيسى، وفيها توفي السفاح سنة ١٣٦ هجرية. وبعد قليل من
تبوئ المنصور كرسي الخلافة شرع في بناء مقر له سمي بنفس الاسم،
وتقع هذه الهاشمية الثانية بين الكوفة والحيرة على الجانب الغربي من
الفرات، في مجل لا يبعد كثيراً عن البطائح، مصب الفرات في القرن
العاشر الميلادي وتقول رواية أخرى أنها كانت قرب مدينة ابن هيبرة
القريبة من الكوفة. ومدينة ابن هبيرة هذه غير قصر ابن هبيرة. لم
يكن موقع الهاشمية الثانية مناسباً ليكون عاصمة بني العباس لقربها من
الكوفة مركز شيعة العلويين ولأن القبائل التي تقطنها كانت لا تفتأ تثور
وتشاغب، وقد تركها المنصور بعد ثورة الراوندية الذين تظاهروا
بتقديسه وكادوا يفتكون به.
وإذا ما انتقلت العاصمة إلى العراق فمن الواضح أن فائدة بقعة على دجلة خير منها على الفرات لأنها تكون وسط إقليم خصب فقد كانت مياه الفرات تسقي الأرض التي بينه وبين دجلة كما كانت مياه هذا الأخير تروي الأرض الواقعة شرقيه، وفضلاً عن ذلك فإن القسم الأسفل من دجلة كان أصلح للملاحة من الفرات.
وقد قام المنصور برحلات عدة للتفتيش على موقع لائق بالعاصمة فسافر من جرجايا إلى الموصل، متبعاً شاطئ دجلة ووقع اختياره أولاً على موقع قرب باريما جنوب الموصل عند الموقع الذي يعرف اليوم باسم الفتحة، حيث يقطع نهر دجلة جبال حمرين ولكنه تركه حين علم بغلاء المرة وقلتها فيه وأخيراً اختار قرية بغداد الفارسية الواقعة، على ضفة دجلة الغربية، شمال مصب نهر الصراة تماماً وأسس فيها عاصمته الجديدة سنة ١٤٥ للهجرة (٧٦٢ للميلاد).
ويظهر من الاستكشافات التي قام بها السير هنري رولنصن سنة ١٨٤٨ للميلاد أنه قد كان