إن التفصيلات العلمية بعيدة عن حياتنا اليومية ولكن لمعرفة النتائج والإلمام بالصعوبات التي اعترضت العلماء - أثرها في حياتنا الشخصية.
لذلك لم يتأخر علماء أعلام مثل فابري أستاذ الطبيعة بالسوربون وعضو المجمع العلمي الفرنسي وريشنباخ وغيرهما أن يكتبوا سلسلة من المقالات في المجلات الأسبوعية أو الشهرية أو في الكتب المبسطة. والأخير من كبار الأساتذة السابقين في ألمانيا الذين تنتفع الآن بمعلوماتهم جامعة (استنبول) وتحويهم تركيا الجديدة التي اقتنعت أن بين الذين شتتهم الظروف السياسية في العالم اليوم مواهب يمكن الاستفادة منها.
صحيح أن الشخص العادي لا يعنيه معرفة الظروف التي حدث بباستير إلى اكتشاف ميكروبات الأمراض المختلفة مثل الكلب والحمى الفحمية بقدر ما يعنيه المصل أو الطريقة المعدة للعلاج؛ وقصة اكتشاف كالمت لعلاج الدفتيريا لا تهم الجمهور بقدر ثقتهم اليوم بأن للدفتيريا مصلاً للوقاية منها، بل إن الشخص العادي لا يهمه دوران الإلكترون حول نفسه وحول مركز الذرة بقدر ما يهمه النتائج والانتصارات الفعلية للكهرباء.
ولو أن العالم صورة صادقة لما نراه في حياتنا اليومية. ولو أن مجموعة المعارف التي نُطبقها تمثل لنا صورة صحيحة لهذا العالم لما كان إلا شيئاً كالأشياء المادية التي تحيط بنا، أشياء تتأثر بالقوانين الطبيعية البسيطة التي درسها معظمنا في المدارس الثانوية أو العالية كانتشار الضوء في خط مستقيم وغير ذلك. فالمواد في هذا العالم البسيط حديد وخشب وحجارة نستخدمها لعمل الأدوات والآلات، وتجد أن المادة في هذا العالم البسيط تكون صلبة أو سائلة أو غازية كما أننا نجد فيه الحرارة والبرودة والصوت، بل تجد أيضاً الكهرباء التي لا نراها ولكنها تدخل في كثير من حاجاتنا. هذه الظاهرة ينسى الكثيرون أن يحاولوا تصورها، وكل ما نعلمه أنها تتولد من آلات خاصة وأنه من الممكن نقلها بالأسلاك. وفي هذا العالم البسيط يجري ترام وأمنيبوس، ويقهر الأرض فيه قاطرة وتحلق طائرة وتتعالى أصوات الآلات في المصانع، وتتدافع الأشخاص بالمناكب في مدن مكتظة، وتزدهر الحقول بفعل الفلاح وفعل الجو والماء، وتجري الأنهار وتقام عليها الجسور، وغير هذا على هذه الأرض السيارة والتي نشعر بما فيها وعليها بحواسنا الخمس: السمع والبصر واللمس والذوق والشم ويهيمن عليها وعي وتدبير يطلقون عليهما العقل، وفي هذا