بقيت الحيوانات الثديية في أوستراليا على ما هي عليه تقريباً ولكنها في أفريقيا صعدت درج الرقي وانتشرت انتشاراً عظيما متجهة في انتشارها صوب الشمال. فلما كثر عددها ساد بينها كفاح هائل من أجل الحياة وأخذت ذراريها تتطور في شتى الاتجاهات، فمنها ما أكل اللحم ومنها ما عمد إلى الهرب من الحيوانات المفترسة فاتخذ له ملجأ تحت سطح الأرض كالخلد والأرنب، ومنها ما أخذت أشواكه تنمو وتصلب كالقنفذ، ومنها ما بقي يعيش فوق الأشجار كالسنجاب، ومنها ما هبط إلى البحر كالحوت، ومنها ما اتخذ الليل معاشاً كالخفاش. وانتشرت فصيلة الحيوانات الحافرية في القارات الأربع مستعينة بقوتها وضخامتها أو بدروعها وأنيابها وقرونها أو بسرعة عَدْوِها وحدة حاسة الشم عندها
تطور الإنسان
تسلسل الإنسان من ذرية حيوان شبيه بالقرد، ولكن ليس من ذرية أحد القردة الموجودة في العصر الحاضر، وإنما تتصل القردة الحالية بالإنسان في أسلاف مشتركة وجدت من ٣ أو ٤ ملايين من السنين
أخذت الحيوانات الثديية البدائية ترتقي وتتطور في اتجاه القردة، وانتشرت القردة في القارات الأربع (أي في مختلف أنحاء الأرض باستثناء أوستراليا)، وذلك من نحو ١٠ ملايين من السنين، ثم تطور قسم منها إلى القردة الشبيهة بالإنسان، وهي أربعة فروع هبط ثلاثة منها إلى الأرض عندما بادت الغابات في بقعة من آسيا بسبب ارتفاع الأرض وجفاف الهواء على الأرجح. ومن المقرر أن ترك الأشجار والإقامة على ظهر الأرض مما يساعد كثيراً على الترقي والتقدم؛ فإن هذه المعيشة تقتضي الملاحظة الدائمة لاتقاء الأعداء واقتناص الغذاء، وقد أصبحت الساقان الخلفيتان تقومان أكثر فأكثر بحمل الجسم، وأصبحت اليدان تستعملان في إمساك الأشياء، وأثرت كل هذه التطورات على نمو المخ مدة ٤ ملايين سنة
وقد عثروا في إنجلترا على جمجمة يرجع عصرها إلى ٤٠٠ , ٠٠٠ سنة. كما يدل على ذلك عمر الطبقة الأرضية التي وجدت مطمورة فيها، وقد قدر الثقات أنها جمجمة إنسان منحط جداً من حيث الذكاء