وقد أدرك المستر تشمبرلن أن الوسيلة الوحيدة للخروج من هذا المأزق، وإبطال الخطة اليابانية، فيما لو وقعت الحرب، هو إقناع الولايات المتحدة بإرسال أسطولها إلى المحيط الباسيفيكي ليكون رادعا لليابان عما تبغي الإقدام عليه. غير أن الولايات المتحدة أظهرت حينئذ أنها لا تريد العدول عن خطة الحياد، والابتعاد عن المشاكل الأوربية.
ويريد بعض الكتاب السياسيين تعليل تسليم بريطانيا وفرنسا في مونيخ، إلى اعتقادهما أن روسيا لم تكن عازمة على دخول الحرب بجانبهما، بل إن غرضها كان إيقاد نار الحرب دون أن تصطلي بلظاها، رغبة منها في إشعال لهب الثورة. وهذا القول خال من الصحة، لأنه إذا غضضنا النظر عن تصريحات المسؤولين في موسكو بعزمهم على تنفيذ واجباتهم نحو تشيكوسلوفاكيا إذا قامت فرنسا بواجباتها نحوها، نرى أن مصلحة الروسيا كانت تقضي عليها بدخول الحرب بجانب بريطانيا وفرنسا ضد ألمانيا، لضمان انتصار الدول الديمقراطية ضد الدول الدكتاتورية. أما تمكين الدول الدكتاتورية من الانتصار على بريطانيا وفرنسا فمعناه هيمنة ألمانيا التامة على أوربا. ومعناه أيضاً فسح المجال للجيوش الألمانية للهجوم على بلاد الروس وتمزيقها، وتحقيق منهاج الهر هتلر من نزع أوكرانيا وغيرها من المقاطعات الروسية وضمها إلى الريخ
أما العوامل النفسية النفعية التي ساعدت على التسليم في مؤتمر مونيخ، فمنها أن الرأي العام البريطاني في الممالك المتحدة وفي الممتلكات البريطانية كان ضد الحرب، لا حباً في السلم فحسب، بل اعتقاداً منه أن الخلاف بين ألمانيا وتشيكوسلوفاكيا لا يمس بريطانيا وممتلكاتها ولا يؤثر على مصالحها. . . ومنها أن رئيس وزارة إنكلترا المستر تشمبرلن، شيخ جليل، يعتقد إمكان التفاهم مع الدول الدكتاتورية، ويحب السلام الأوربي، ويرغب في تحقيقه بأي ثمن كان. . .
أمام هذه الوضعية الحربية التي تحذر من خوض غمار حرب أوربية، وإزاء هذه النفسية التي ترغب في اجتنابها، اضطرت الحكومة الإنكليزية إلى عدم المغامرة في حرب أوربية. وقام رئيس وزارتها بإقناع فرنسا بضرورة التريث وبذل الجهود في حل الخلاف الألماني التشيكوسلوفاكي بالطرق السلمية. ولأجل ذلك قرر المستر تشمبرلين حين اشتداد زيارة الهر هتلر طائراً وبذل الجهود التي عرضناها في مقالات سابقة، لإقناع زعيم ألمانيا بحل