وكان المستر مكدونالد يأمل أن تحذو الدول الكبرى حذو بلاده فتنزع سلاحها غير أن أمله لم يتحقق، ففرنسا لم توافق على نزع سلاحها لأنها كانت واثقة أن في نزعه خطراً على سلامتها وخطراً على أوربا أيضاً، لأن الدول الأخرى لن تنزع سلاحها. وبالفعل فإن إيطاليا الموسولينية أخذت تبذل كل قواها في التسلح على أنواعه، وتبعتها هذه الخطة ألمانيا الهتلرية. فأصبحتا أعظم الدول الأوربية تسلحاً. فسياسة نزع السلاح العملي التي سار عليها المستر رمسي مكدونالد في إنكلترا أدت إلى إضعاف بريطانيا العظمى حربيا، وإلى تشجيع الدول الدكتاتورية على التسلح العظيم
وبرغم أن بريطانيا العظمى قد ابتدأت في التسلح منذ أن تسلمت الحكومة القومية إدارة سياسة البلاد فأصبح لا يستهان بقوى سلاحها، فإنها لا تزال غير متسلحة التسلح الكافي الذي يمكنها من خوض غمار الحرب
وزيادة على ذلك فإن مدنها وسواحلها خالية من التحصين ضد الغارات الجوية. فهذه المدن وهذه السواحل تكون هدفاً لغارات الطائرات الألمانية، فيما لو نشبت الحرب العالمية من جراء المشكلة التشيكوسلوفاكية، وتوقع العدو فيها أضراراً فادحة. . .
ثم إن الحالة في المستعمرات الإنكليزية غير هادئة؛ وكانت حكومة لندن تخشى أن تحدث اضطرابات في بعضها، وتشب نار الثورة في الآخر، إن هي اشتبكت في حرب أوربية فتصبح هذه المستعمرات سبب ضعف لها، بدلاً من أن تكون عامل قوة
وبينما كانت الوزارة البريطانية في وسط معمعة الأزمة التشيكوسلوفاكية، أبلغت دائرة استخباراتها المستر تشمبرلن سرا أن الحكومة اليابانية متأهبة لاجتياح الأملاك الإنكليزية في الشرق الأقصى حال اشتباك القوى الإنكليزية والفرنسية في حرب مع ألمانيا. ولهذه الغاية كانت اليابان قد أبقت القسم الأعظم من أسطولها بمعزل عن الحرب الصينية. وهو، في تلك المياه، يضارع في القوة أسطول إنكلترا أو الولايات المتحدة. وكانت اليابان تفكر في إيقاف حربها الصينية، حين وقوف حرب أوربية تشترك فيها بريطانيا، وإبقاء أقل من نصف مليون من الجند في القسم الذي افتتحه من الصين للمحافظة عليه، والزحف بجيش عظيم مدرب نحو الجنوب، والانقضاض على هنغ كنغ وسنغافورة ومقاطعات مالاي والهند واستراليا، وضربها ضربة قاسمة بسرعة لا تدع مجالا للدفاع عنها.