للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعيار الزمني الذي لا يغني من الحق شيئاً، وقررنا ما كنا نظن أنه بديهي واضح من أن المعيار الثابت للحق والخير يجب أن يلتمس لا في جديد الغرب ولكن في قديم الإسلام أي في الإسلام كما أنزله فاطر الفطرة على الإنسان الكامل والرسول الخاتم محمد بن عبد الله صلوات الله عليه

لقد قررنا هذا الأصل من قبل ولا نزال نقرره. قررناه حين كتبنا نقدنا التحليلي لكتاب الأدب الجاهلي وأخذنا على صاحبه فيما أخذنا نشره مجون الأدب الغربي فيما كان يلخص للهلال من روايات فاجرة كرواية الزنبقة الحمراء، ونشره مجون الأدب العَربي فيما كتب عن أبي نواس ووالبة ومن إليهما في حديث الأربعاء. وهاهو ذا صاحبه يدعوا في أحدث كتاب له إلى الأخذ بحضارة الغرب كلها خيرها وشرها وحلوها ومرحها كأنما أراد أن يصدق ما قلنا في كلمتنا الأولى التي انتقد الأستاذ (قارئ) من أن (الذين يسمون أنفسهم أنصار التجدد يؤمنون بالغرب كله ويريدون أن يحملوا الناس على دينهم هذا ولو خالف الإسلام في أكثره). فنحن حين صورنا الخلاف بين أنصار قديم الإسلام وجديد الغرب كما صورنا إنما كنا نصف واقعاً مشهوداً، والأستاذ (قارئ) يصف من حركة الجديد تاريخاً غير مشهود مر، على قصر الفترة التي كانت منذ بدأ، وصار إلى هذا الجديد الذي يغلب على الحركة الآن وغلب عليها من زمان - بالنسبة إلى عمرها - طويل

والأستاذ (قارئ) يجعل للأسلوب والطريقة واللغة مكاناً كبيراً في حركته التي وصف، وإني أعرف أن الأسلوب واللغة والطريقة هي مدار الخلاف بين من يعرفون بأنصار الجديد وأنصار القديم كما أعرف للأسلوب والطريقة واللغة مكانها في الأدب. لكني لا أحلها مع ذلك المحل الأول، وإنما أجعل لروح الأدب المقام الأول في الحكم عليه. وأنا في ذلك تابع غير مبتدع، تابع للقرآن مهتد بما سنه للناس

فلحكمة كبرى جعل الله معجزة دينه معجزة أدبية باقية على الدهر وجعل رسوله أفصح الناس. وليس أصغر ما في تلك الحكمة التنويه بالأدب والتنبيه إلى أن قوته الهائلة ينبغي أن تكون عوناً للحق والخير على الشر والباطل في حياة الإنسان، فهذا تشريع منه سبحانه وهدى للناس في الأدب كان ينبغي عليهم أن يتبعوه. ولقد اتبعوه بالفعل في عهد الرسول وفي أكثر عهد الخلفاء الراشدين، ثم جاء عمر بن أبي ربيعة الذي لو أدرك عهد عمر بن

<<  <  ج:
ص:  >  >>