الخطاب لجلده ونفاه ولكف من غرب مجونه الذي فتح في الأدب باب الشر والمجون على الناس. وصلوات الله على رسول الله لقد نبه الناس لو كانوا ينتبهون: نبههم إلى أن الشيطان يئس أن يعبد في أرضهم ورضي أن يطاع فيما يحقرون من أعمالهم. وكان مما حقروا القول الماجن ما داموا لا يرتكبون بالفعل ما يفترون فيه. وظن ابن أبي ربيعة أنه إذا قال ولم يأت شيئاً مما قال فليس عليه عند الله وزر، ونسي حديث الرسول الذي أنبأ فيه الناس أن الله قد تجاوز لهم عن حديث النفس ما لم تعمل أو تكلم، والحديث الذي نبه فيه صلوات الله عليه الناس أن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة. ووقع ابن أبي ربيعة في الحرجين واحتمل الوزرين كليهما فوصف حديث نفسه كلاماً تبعه فيه العرجي ومن لف لفه فانحرفوا بالأدب العربي عن الطريق الذي أختطه له القرآن إلى الطريق الذي تمناه الشيطان لينفذ منه إلى النفس المسلمة يفسدها قليلاً بعد قليل وجيلاً بعد جيل
فلأدب العربي ككل أدب إنساني يجب أن يحكم عليه أول ما يحكم لا بأسلوبه ولا بطريقته ولا بلغته. ولكن قبل كل شيء بأثره في النفس أي بأثره في حياة الفرد وفي حياة المجموع. فإن كان أثره صالحاً يعين النفس على رقيها ويهديها إلى ربها فهو أدب صالح كريم، وعندئذ تكون بلاغته وما يمكن أن يتصف به من مميزات أخرى حسنات له توضع في ميزانه. أما إذا كان سيئ الأثر يثير في النفس شهواتها ويصرفها عن هداها فهو أدب فاسد غير كريم مهما ملك صاحبة من عنان اللغة ومهما امتاز في الأسلوب، بل مميزاته في اللغة وفي الأسلوب تكون عندئذ من سيئاته لأنها تجعله أقدر على إفساد نفس الإنسان. من أجل ذلك جعلنا الأدب فيما كتبنا قسمين: قرآنياً وغير قرآني، أو أخلاقياً وغير أخلاقي، حسب أثره في النفوس لا فرق في ذلك بين القديم منه والجديد
والأدب الجديد كان له أسوأ الأثر في النفس المسلمة خصوصاً النفس التي لا تعرف من دينها ما تستطيع أن تدفع به عادية ذلك الأدب على مكان الدين منها ليفتنها بجديد الغرب عن قديم الإسلام.
ولقد قلنا من أجل ذلك إن المسألة بين القديم والجديد هي في صميمها مسألة اختيار بين دين ودين، فظن الأستاذ أننا نريد أن الجديد يريد أن يحل المسيحية محل الإسلام، وليس كذلك.