الإلكترون والبوزتون والنيترون والفوتون. وسنأتي في مقالاتنا القادمة على شرح كل واحد من هذه الجسيمات الأولى الأربعة المكونة للخليقة وعلى الظروف التي أدت إلى اكتشاف كل منها، وإنما أردنا أن ندل القارئ على أن اكتشاف الألتراميكرسكوب واكتشاف الإلكترون كانا عملين أحدهما مساعد للآخر. ومما يجدر بالذكر أن الالتراميكروسكوب لعب دوراً كبيراً في تجارب مليكان الخالدة التي فصل فيها جسيما واحداً يحمل إلكترونا حرا واحداً، هذه التجارب التي آمل أن أفصلها يوماً لقراء الرسالة ولكن لا أترك الإلكترون دون أن أعطي القارئ فكرة عن حجمه أو كتلته
تصور أنك تدخن سيجارة وأنت جالس في الشمس وتصور أن تركت أطراف السيجارة على إصبعك بعض آثار الورق المذهب بحيث أن أشعة الشمس تساعدك عند النظر لإصبعك أن تكشف بالعين أحد هذه الجسيمات البراقة المتناهية في الصغر والتي تركتها السيجارة. إذا تصورت هذا وأردت أن تتصور الإلكترون فاعلم أن حجم هذا الجسيم الصغير يحوي ملايين المرات حجم الإلكترون الواحد، فإن نسبته لهذا الجسيم البراق الصغير جداً كالنسبة بين الأخير وبين المكتب الذي أكتب عليه الآن هذا المقال
يمكنك أن تتصور أيضاً أنك تأكل تيناً وأنه قد أصاب إصبعك إحدى أشواكه الصغيرة - إنه يلزمك في العادة ملقاط لإخراج هذه الشوكة التي إذا خرجت تراها بصعوبة بالعين المجردة، إن هذه الشوكة ربما تحوي من الإلكترونات قدر ما تحوي شجرة التين من الشوك. هذا هو الإلكترون الذي استطاع مليكان أن يفصل جسيما واحداً يحمل إلكترونا حرا واحداً ويرى موضع هذا الجسيم بل ويرفعه ويخفضه كما يشاء
إلى هذا الحد وصل العلم التجريبي في سنة ١٩٠٩ أيام تجارب بيران ومليكان. أما اليوم وقد مضى ثلاثون عاماً على هذه التجارب فماذا أقصه عليك في هذه المقدمة التي أرجو من ورائها للقارئ إيماناً علمياً يشبه إيمان العوام. ولهذا أكتفي بالتنويه بثلاثة موضوعات كأمثلة جديدة في العلم التجريبي الحديث
الموضوع الأول:
تصل إلينا أشعة يسمونها اليوم الأشعة الكونية سأجعلها موضوع مقال خالص في أعداد الرسالة القادمة.