للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المجموعي إلى جانب التفاصيل الإنشائية؛ فأنت ترى أن القوام متشابه وأن وضع اليد اليسرى كان على الصدر بفارق بسيط، كما أن اليد اليمنى ممتدة في كليهما إلى أسفل، وتقدمت الساق اليسرى في كليهما إلى الأمام. نعم نجد الشعر مجدولاً بشكل مخالف في كليهما، كما أنه مختلف من حيث التصفيف وطريقة القص. أما القوام فهو المثل الأعلى لوقتنا الحاضر، كله رشاقة وكله جمال. ومن الغريب أن نرى أن أحدث طريقة لصف الشعر هي إظهار الأذنين، ونجد أن المرأة المصرية قد اتبعت هذه الطريقة منذ خمسة وعشرين قرناً.

أما تمثال أوابرا (ش ٧) فهو يمثل امرأة جلست وقد سرت جسمها بملابسها الرقيقة بطريقة استطاع الفنان أن يظهرها في أجمل وأروع هيئة. تأمل الذراعين واتكاءهما على الركبتين ثم لاحظ النبل الذي ارتسم على الوجه، وانظر إلي خط التحديد للتمثال كله، وفكر ولو قليلاً في الكيفية التي استطاع بها الفنان المصري التعبير عن الجمال.

نلاحظ طبعاً كبر الأذن، كما نلاحظ صمت التمثال وركونه إلى السكون؛ ولكن هذا لا يمنع مطلقاً من الإعجاب في أجلى مظاهره بالكيفية التي سار عليها الفن في عصر يبعد عن عصرنا بألفين وخمسمائة سنة.

والخلاصة أننا نرى أن الجمال المصري القديم كان نبيلاً عريقاً خالياً من الدخيل، صافياً نقيّاً، غير ممتزج بغيره، جمع بين الصفة المميزة وبين الطبيعة البريئة الوديعة.

والسلوة الوحيدة التي نتعزى بها، هي أننا نرجو أن نحسن الفهم على الأقل لفن تركه الأجداد ولم نعن بدراسته والعمل على نشره حتى بين أبناء البلاد.

وإذا كنا ندين بنتائج الحفريات ومعرفة اللغة الهيروغليفية لعلماء الأجانب، فإننا على الأقل يجب أن نعني بفهم الفن المصري ودراسته، حتى نستطيع أن نخرج عن المباهاة بما في بلادنا من آثار وندخل دور الاستمتاع بها، فتكون لنا روح وطنية صرفة لها أثرها قفي توجيهنا لمجاراة الشعوب الناهضة.

هذا مقال لا يخرج عن كونه احتيالا على القارئ لتفهيمه صفحة رائعة من صفحات آثار أجداده بطريقة التكلم عن الجمال في أسلوب بسيط بعيد عن الجفاف العلمي.

احمد موسى

<<  <  ج:
ص:  >  >>