للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هيرودوتس وهو يعلل ذلك بأن الاسم (هوميروس) مركب من هو - مي - أورون - ومعناها: الرجل الأعمى. ويتعصب هيرودوتس لهذا التأويل بالرغم من وجود تفاسير أُخر قد تكون أقرب إلى المقول من تفسيره هو. . . ذلك أن بعض القدماء يقولون: إن كلمة هوميروس قد تكون مشتقة من (هوميريدا). وهي اسم لإحدى العشائر التي كانت تقطن جزيرة خيوس آنفة الذكر، وقد قطنوها برغمهم لأنهم كانوا أسرى حرب (رهائن) نفوا إلى تلك الجهة. وذاك بدليل أن كلمة هوميروس نفسها تحمل معنى أسير تحت الفدية أي رهينة حرب

ولم يضمن هوميروس إحدى ملحمتيه الخالدتين اسمه كما صنع هسيود في منظومته العظيمة (ميلاد الآلهة وتناسلها) فقد ذكر في مقدمتها اسمه الصريح. ثم ذكر في قصيدته الأخرى (الأرجا كيف هاجر من كيمي إلى أسكرا، وكثيراً من حياته الخاصة وحياة أهله. ولو قد صنع هوميروس مثل هذا، أو شيئاً من هذا لما وقع المؤرخون في هذا الخلط الكثير عن شخصه وعن زمانه وعن حقيقته.

ولم يشر قط إلى السبب الذي ذهب ببصره؛ ويؤكد المؤرخون أنه قضى شطراً عظيماً من عمره بصيراً سليم العينين بحيث استطاع أن يقرأ ويكتب ويسجل كثيراً مما نظم. ويذهب بعضهم إلى أنه بدأ نظم ملحمتيه - أو إحداهما - وهو بصير معافى

وكل ما جاء في ذلك لا يعدو إشارة طارئة في آخر ترتيلة أبولو يخاطب فيها العذارى اللائى كن يغين إلى إنشاده: (إذا سألهن أيما ظاعن أي المنشدين أحب إليهن وآثر إلى قلوبهن أن يجبن على الفور إنه رجل أعمى من قطان خيوس الجبوب المعزاء وإن أغانيه يخلدان آخر الزمان!)

وحتى هذه الفقرة لم تسلم من تشكك المؤرخين في قائلها، هل هو رواية هوميروس، أو هو هوميروس نفسه!

هذا ولقد كان للإغريق أدبهم وأشعارهم وأغانيهم وموسيقاهم قبل هوميروس. وليس معقولاً أن هوميروس هو الذي بدأ ذلك جميعاً، لأن ذاك الكمال أو ما يقرب من الكمال الذي جاء في ملحمتيه لا يمكن أن يأتي طفرة. . . وإذا صدقنا هيرودوتس يكون هوميروس صاحب فضلين على سكان هيلاس - اليونان - كافة. . . فهو الذي صنع آلهتهم وأنشأ بذلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>