للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التابعة جد مختلفات.

فالقول شيء مركب، وهو مجموع خصائص مرتبطة بالفعل ومستقلة بطبيعتها في آن واحد. والكلام يمكن أن يكون منطقياً عامراً بالمعنى ولكنه خلو من الإيقاع خلو من الوزن، وقد يكون عذب الورود على السمع وهو سخف ولغو، وقد يكون واضحاً وفارغاً، غامضاً ولذيذاً. . . .

ويكفي لتصوير ضروب الكلام وكثرتها العجيبة، أن نعدد سائر العلوم التي نشأت للتوفر على بحث هذا التنوع، وليستثمر كل علم عنصراً من عناصرها. فالواحد منا يستطيع دراسة نص من النصوص على وجوه شتى كل منها مستقل بذاته، فيمكنك الرجوع به دواليك إلى علم الصوت، وفقه اللغة، وتركيب الكلام والمنطق والبيان - وزد عليهما الوزن والاشتقاق.

وهو هو ذا الشاعر يصارع هذه المادة غير المستقرة وغير الخالصة إلى حد بعيد. فهو مضطر إلى النظر طوراً فطوراً في رقة الألفاظ وفي معناها، واستيفاء الانسجام وتنغيم الفقرات، فضلاً عن شتى المطالب الفكرية والمنطق والنحو وموضوع القصيد وأفانين البديع والوشي بله المتواضع عليه من القواعد.

فتأملوا مبلغ الجهد الذي تقتضيه معالجة الإتقان لكلام يجب أن تتوافر فيه، بمعجزة من المعجزات، جميع هذه المطالب دفعة واحدة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>