وهو لا يوجد في البحر الأبيض المتوسط. ويسكن من البحر أعماقه على مسافات تتراوح في الأغلب بين العشر قامات والمائة قامة، ولو أنه غوري في سكناه وعادته إلا إذا آن أوان إنساله غادر الأعماق الكبيرة ورحل في قطعان هائلة إلى أماكن من البحر يترجح عمقها بين ٢٠و٣٠ قامة يكون فيها أقل استهدافاً للمهالك، فإذا هو بلغها ألقى بيضه فطفا في الماء، ويحدث هذا غالباً في يناير وفبراير ومارس، فإذا فقس البيض وتبدل واستتم خلقه تدرج في النزول إلى الأغوار الأعمق وعندئذ يبدأ يعيشكما عاش آباؤه، فإذا بلغ من العمر سنة استطال حتى ليبلغ ثمانية من البوصات، ثم يزداد في الطول عاماً بعد عام، حتى إذا استتم عامه الرابع أدرك فاستطاع أن يكون أباً أو أماً، ويكون طوله عندئذ نحو قدمين، وإذا امتد به الأجل عاش إلى أن يطول إلى خمسة أقدام وبلغ ثمانية من البوصات، ثم يزداد في الطول عاماً بعد عام، حتى إذا استتم عامه الرابع أدرك فاستطاع أن يكون أباً أو أماً، ويكون طوله عندئذ نحو قدمين، وإذا امتد به الأجل عاش إلى أن يطول إلى خمسة أقدام وإلى أن يزن خمسين رطلاً.
وتبيض الأنثى من الحوت بيضاً يتذبذب عدده بين المليون والعشرة الملايين في الفصل الواحد تبعاً لحجم الأنثى وزنتها. ويبلغ قطر البيضة جزءاً من عشرينمن البوصة، وليس كل البيض بفاقس، فأكثره يذهب طعمة لغادي السمك ورائحه، وكثير منه يهلك فلا يستتم إنضاجه بسبب مؤثرات فيزيائية لا طاقة له بها، وقد عرفت الطبيعة منه ذلك فزادته عدداً لكي يفلت منه المقدار الذي لابد منه لاضطراد وجوده.
وأكثر صيد الإنسان للحوت يكون في فص إنساله، ذلك لأنه فص التجمع فالترحل إلى سطوح من قيعان البحر أقرب إلى يد الإنسان. وأشهر هذه السطوح مواضع ثلاث، ساحل النرويج، وجزيرة أسلن وجزيرة نيوفوندلند وهي لذلك أشهر مصايد الحوت. وعدادها قيعان ضحلة ببحر الشمال بين بريطانيا والقارة الأوربية.
أما مصايد النرويج فقد هيأت لها الطبيعة ساحلاً متعرجاً، يدخل فيه البحر تارة ويدخل هو فيه تارة أخرى، وينحدر شاطئه في الماء انحداراً باغتاً كبيراً. وفي قبالة هذا الساحل سلسلة جزائر اللوفوتي في حذاء الشاطئ النرويجي وتستدير قليلاً مع استدارته، تنحو عليه، كأنما