ولا جنون، وإنما هو سوء التربية المبكرة وخطؤها الذي يجعل من الطفل شخصية غير شخصيته، ويجعل حياته كلها تصنعاً والتواء.
إن سلطة الوالدين والمربين على الطفل هي التي تعلمه حقوق الجماعة. ولكن ليحترس من استعمال السلطة بغلظة وجهل معه، فإنه إذا حصل ذلك ولم يكن لدى الطفل المخارج الكافية لنزعات نفسه، فإنه يصبح شغوفا قلقا خجلا في غير موضع الخجل، عنيدا ينكر كل شيء، ويشاغب حيث لا سبيل إلى الشغب، ويصير أشد ميلاً للتأثر بغير بيئته التي باتت غريبة عليه. وهذا دون ريب مالا نقصد إليه. إذن يجب أن تخدم السلطة الوالدية غرضين:
١ - أن تكون وسيلة يتعلم بها الطفل كيف يوفق نفسه للجماعة. . .
٢ - أن تكون وسيلة يتعلم بها الطفل أيضاً إلى إي حد يمكنه أن يعبر عن رغباته واحتياجاته.
ذلك لأن كثيراً من الضغط على الطفل يتعين خطؤه وضرره إذا ما كلفنا أنفسنا مشقة إيجاد المخارج الصحيحة التي يعبر الطفل فيها عن نفسه؛ ويظهر لنا تعسف أوامر النهي التي نضايق الطفل بها والتي يستغني عنها تماماً، إذا اتبعت طرق التربية الصحيحة، التي تمكن الطفل من إشباع ميوله دون إزعاج الآخرين.
ولا يصح أن نتصور أن الطفل إذا خالف قانوناً أو نظاماً يجب أن يسامح، لا بل يجب أن يعاقب. وكل ما نرمي إليه هو أنه يمكن أن نعلم الطفل دائماً، ونعوده التعبير عن رغباته وإشباع ميوله، دون مضايقة الجماعة.