ثم تطور بتطور معيشته من برية إلى بحرية. وهنالك إثباتات أخرى تؤيد أن الحوت حيوان ثديّ متسلسل من أصل بري، وهي كونه يتناول الأوكسجين اللازم لحياته برئتيه من الهواء لا بالخياشيم من الماء، وكونه من ذوات الدم الحار فلا تنخفض حرارة جسمه - كالأسماك - بانخفاض حرارة الماء الذي يعيش فيه، وكون أنثاه تلد صغارها تامة التكوين وترضعها.
من علم الأجنة
يجتاز كل حيوان في نموه من خلية البيضة حتى يكتمل سلسلة من التغيرات المحتومة، ويمر بسلسلة من الأشكال المختلفة، هي إعادة موجزة للسلسلة الطويلة من الأشكال التي اجتازها أسلاف هذا الحيوان أي أصول نوعه منذ أقدم أزمنه الخلق العضوي حتى الوقت الحالي
فالحوت - مثلاً - يمتاز في كبره بعد اشتمال جسمه على الشعر والأسنان والعنق والطرفين الخلفيين، ولكن هذه الأعضاء توجد في جنينه، وذلك ما يشير إلى تسلسله من أصل ثدي له هذه الأعضاء
كذلك يحوي جسم الجنين الإنساني أعضاء عدة لا إيضاح له إلا أنها موروثة عن الأسلاف الحيوانية، فهو مغطى بشعر كثيف يذكرنا بفروة القرد، وقد يبقى الثوب الشعري جنيني في أحوال مرضية شاذة عند من يسمونه بالإنسان الكلبي. وللجنين الإنساني ذنب واضح، وله في كل ناحية خمس مجموعات من غدد لبنية، وذلك ما يدل على أن العضو اللبني - كما هو الحال عند الحيوانات الثديية الدنيئة - ولم يكن في الأصل زوجاً واحداً فقط
من علم الانتشار الجغرافي
تُقدم لنا الجغرافي الحيوانية كثيراً من الحقائق الناطقة بصحة نظرية التطور. فمن ذلك أن المناطق والأقاليم المنعزلة عن غيرها تحوي أنواعاً حيوانية خاصة بها لا توجد في سواها. ولئن كانت حيوانات أمريكا الشمالية شبيهة بحيوانات شمال آسيا وشمال أوربا فإن لحيوانات أمريكا الجنوبية (أعني التي كانت بها قبل أن يستعمرها الجنس الأبيض) صفات ومميزات خاصة بها نتجت من نمو تلك الحيوانات في عزلة وعدم اختلاطها بحيوانات