كثيراً ما لا يشتعل لفساد مادته فينخنق وهو في الأرض
أما هذا المخرج، أو بعبارة أصح هذا المروض، فقد استطاع أن يجعلهما يقومان بدورهما على وجه مقبول، وهذا بعض المطلوب منه
ما كنت أبتغي الإلماع إلى هذه الناحية من النقد لولا حوافز ثلاثة:
١ - إدعاء قطب من أقطاب لجنة القراءة أن رأى النقاد المسرحيين لا يتعدى، بل يجب ألا يتعدى ناحية إخراج الرواية وطولها وقصرها على الوقت المناسب
٢ - إدعاء قطب ثاني أن ليس في مصر نقاد
٣ - شكوى الخواجة فلاندر من سكوت الصحف وإغضاء النقاد عنه
أما أنا فلن أسكت عن دحض الادعاء وعن نفي التهمة عن الناقدين المترفعين والأدباء المنصرفين عن الفرقة اشمئزازاً من أعمال رجالها الذين يتخبطون في ظلمات الادعاءات، ولن أتراجع حتى أظهر العلل التي أخذت تتأصل في الفرقة لوزارة المعارف المغضية عنها، ولأعضاء البرلمان الذين يغذونها من مال الأمة، ولكني أقتصر الآن على تفهم الخوجة فلاندر بأن في مصر صحافة قوية، وفيها نقاد يحسب لهم ألف حساب، وإن مصر تتوقل في نهضتها الثقافية سلم الارتقاء، وتتوجه بدوافع فردية، لا جماعية ولا حكومية، صوب المثل العليا، وإن قول المغرضين أن قحطا يعتور الأدباء إنما هو محض افتراء على مصر الناهضة وشبابها اليقظ.
وإن في الفرقة القومية - ويا للأسف - جماعة، وصلوا في غفلة الزمن، إلى وظيفة لم يخلقوا لها، ومن هؤلاء موظف يقول أنه سكرتير الفرقة القومية واليد المنفذة لما يرتئيه أو يشير به مديرها والحامل (كرت بلانش) منه، فهذا المخلوق المكلف بتوجيه الدعوات إلى رجال الصحافة وجماعات الأدباء بقبض يده عن الصحافة الناقدة ويبسطها بسخاء على الصحافة التي تنشر المدائح والتقريظ مأجورة بالمال، ويفيض بها فيضاً على من لا أذكرهم وعلى نسوة ما عرفن من الأوبرا سوى بابها الخارجي
وهذا المخلوق يعطي تذاكر الدعوات، لا جوداً ولا كرماً كأصحاب البدوات. بل حرماناً وتشفياً من صحافة ومن أدباء يرون الفرقة قد تحولت إلى (تكية)، وأن رجالها تهاونوا في تحقيق غرضها الثقافي، ومن هؤلاء المحرومين من (نعمة) سكرتيرها المحجل ناقد مجلة