كم من صحيفة أمثال (الرسالة) لم تشملها نعمة الفرقة؟ وكم من أديب مغضوب عليه من سكرتير آخر الزمان لأنه لا يذكره إلا بقدر فهمه المحدود؟
ليت الخواجة فلاندر الذي يشكو من إهمال الصحافة والنقاد لفنه يعرف أنه ما من سطر واحد ينشر في الصحف إلا بأجر يدفعه المدير. وليته يعلم مدير الفرقة ويفهم السكرتير الذي لا يفهم أن الفرقة القومية للتمثيل هي للأدباء ورجال الصحافة والمتأدبين وطلاب الجامعات والكليات والمدارس العليا. هي لهؤلاء قبل كل شيء، وليست للمثلات يدعون إليها أترابهن ومعهن أصدقاؤهن، ولا للمثلين يوزعون الدعوات على المارة وجلاس القهوات وموظفي المحلات التجارية
ليت الخواجة فلاندر يقول لمدير إدارة الفرقة إن (بيت موليير) يرسل تذاكر الدعوات إلى أساتذة الكليات، وهؤلاء يوزعونها بالقسط على الطلاب، وأن الطلاب يتهافتون على مسرح الكوميدي فرانسيز والأوديون وسواهما من المسارح التي تغذيها وزارة المعارف بالإعانات كما يتهافتون على مطالعة الكتب المفروضة عليهم
ليت الخواجة فلاندر يقول لمديره إن واجبه يحتم عليه تفقد مندوبي الصحف إذا تغيب واحد منهم، وأن يسعى إلى الناقد يسأله عما عاقه حضور التمثيل، وأن يأمر ببيع عدد من التذاكر بأثمان منخفضة كما هي الحال في كل فرق التمثيل الذي ترعاه الحكومة
ليت سعادة المدير يعرف أن الفرقة هي للأديبات والأدباء وأن مقاصير الأوبرا ليست لتاجر الخمور، وبائع الأقمشة والخياط والحذاء الذين لا يعرفون ولا يفقهون من فن التمثيل شيء، وأن الأليق من هؤلاء بجلوس المقاصير هم الذين يفهمون الحياة عن غير طريق جمع الملاليم إلى قروش والقروش إلى جنيهات تدخر لبناء مسرح خاص بالفرقة يغنيها عن استعارة الأوبرا بعض الوقت
أحسب أني لو قلت في خور الفرقة وهزالها وعجزها عن تحقيق بعض ما هو مطلوب منها تحقيقه أضعاف ما قلته لعددت نفسي من المقصرين، ولكني أرى لزاماً عليّ حرصاً مني على حياتها، وتفادياً لما قد يخالط أذهان بعض الذين لا يرون سوى ظواهر الأشياء، أن أشرك معي طائفة من الأدباء في إبداء الرأي في هذه المؤسسة التي أرادتها وزارة المعارف