لولا إطباق المتآمرين عليه بالعصي والسيوف بعد إطلاق الرصاص عليه وتسميمه بما يكفي لقتل بضعة رجال، ولا ريب كذلك أن هذا السلطان المغناطيسي هو الذي أعانه على شفاء ولي العهد بالسيطرة على أعصابه وسريرته بعد ما يئس منه الأطباء وأنذروا بموته من أثر سقامه الموروث
بهذه العدة كان الدجال الروسي يستعد لإنجاز (مهمته التاريخية) في ذلك العالم المنهار من الدولة الروسية
فبماذا استعد زميله (كاليسترو) من قبله حين تصدى (لمهمته التاريخية) بين الفرنسيين في عصر الفلاسفة المشككين والدعاة الملحدين الثائرين؟
لابد له من عنصر الغيب والخفاء، ولا سبيل إلى هذا العنصر من طريق النحل الدينية في تلك الآونة الملحدة المستريبة، فلينقل أتباعه إذن إلى صوامع الماسون وهياكل الجماعات السرية ومكامن الدسائس والمؤامرات ولابد له من عنصر الغواية والمتعة، ولا سبيل إليهما من نحلة الدروشة والعبادة، فليسحر أتباعه إذن باسم عقاقير الشرق التي تجدد الشباب وتطيل العمر وتكسو غضون العجائز مسحة الصبا ورونق الصباحة
وهكذا كان لكل (عالم منهار) دجاله الأعظم، ومن ثم موضع التشابه بين العوالم المنهارة
وهكذا كان دجال كل أمة على غرارها أو على نموذج أخلاقها وأطوارها، ومن ثم موضع الخلاف بين تلك الأشباه
وإنما عبرة التاريخ أن نخلص إلى هذه المواضع المتشابهات، وهذه المواضع المختلفات من حوادث الشعوب في قبضة القانون الخالد المستعاد.