وذكرها هيدلين الناقد الكبير في قوله (إن المسرح لا يمثل الأشياء كما هي، بل كما يجب أن تكون) وشبيه بهذا ما يقوله جوته (إن من يعمل للمسرح عليه أن يدرسه، ويتفهمه حق الفهم، وأن يلم بتأثير المناظر المسرحية والإضاءة والألوان من نواحيها المختلفة، وليترك الطبيعة في مكانها اللائق بها)
وما نستطيع أن نلخص هذه النظرية بأصدق وأوجز مما لخصها به أحد كبار النقاد الذين يعتد بهم حيث قال: إن الدرامة ليست نسخة من الطبية ولكنها تقليد ومحاكاة لها) وإذا رجعنا إلى الآراء التي مررنا بها في هذا المقال لماماً وجدنا أن أجداها وأثمرها ذلك الذي يتحدث عن الدرامة كمرآة مركزة تجعل من القبس شعاعاً ومن الشعاع نوراً وهاجاً. وإنا لنلمس صدق هذا التحليل إذا ما درسنا الأعمال الفنية الخالدة، لأن الكاتب الموهوب، عندما يقتبس لمحة من الطبيعة، لا يقنع بعرضها مجردة من الروح والحياة، بل يسبغ عليها من وحي فنه وعبقريته ما يسمو بها إلى قمة الخلود ويجعل منها مشاهد قوية مثيرة تلهب الحواس والشعور وتصبغ العمل ذاته بالصبغة الفنية الحقة. وهذه إحدى خصائص الفنان الحق.