بها، فلم يجبنوا، ولم يهنوا، ولم يتخاذلوا عند اشتداد اللقاء، وكانوا يَقتلون ويُقتلون، وكانت الكرة تكون لهم مرة ولخصومهم مرة. . . وكانت لهم مواقف عجيبة مشرفة تنتزع من القارئ استحسانه أو رثاءه. . . وقد استطاع هوميروس أن يستدر دموع سامعيه وهو يصور وداع هكتور لزوجه وولده، وفزع هذا الولد العجيب وأبوه يتناوله من يديه أمه ليقبله القبلة الأخيرة التي لم يره بعدها، لأنه ذهب ليصاول أخيلا فيقتله أخيل بمساعدة الآلهة. . . لا لأنه أقوى منه وأشد مراساً. . .
لقد استطاع هوميروس أن يستدر دموعنا وهو يصور لقاء أخيل لبريام المحزون وقد ذهب - وهو ملك طروادة - يرجو بطل الإغريق وزعيم الميرميدون في أن يدع له جثة ولده هكتور، وأن يخلي بينه وبينها، فما كان من أخيل إلا أن أصاخ ودموعه تنزف، فترك الجثة، جثة هكتور الذي قتل بتروكلوس حبيب أخيل، ووكيله على جنده وأعز الناس إلى نفسه، والذي بكيناه أحر البكاء حينما قتل، وحينما انتزعت أسلابه، وحينما جيء به إلى معسكر أخيل معفراً بتراب المعمعة، وحينما سهدت عليه العيون، وسهرت عليه حبيبة أخيل
وهكذا يرتفع هوميروس بأبطاله في الناحيتين، ويوزع إعجاب القارئ على المعسكرين، مما سنبينه في العدد القادم