للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

منها إلى الأبد، حتى أكون حراً طليقاً. نحن نختلف، يا صديقي، في نظرتنا إلى الحياة؛ ولست أخشى رجال الشرطة، فما أتت هذه الفتاة إلا طواعية واختياراً؛ ولن أترك المنزل، بل عليك أنت أن تغادره، إذا كان مقامي به يزعج وقارك وتزمتك. لِمَ لا أنهل من مورد اللذات وأثمل، أينما شئت وكيف شئت؟ أليست هذه بلاد الحرية كما ينعتها قاطنوها؟ ليست هذه أول فتاة وليس ما ترى أول كأس من الخمر أحتسيها، افعل ما شئت!!

- أيها الوغد الدميم، إنك تبحث عن حتفك بظلفك، ولن تجد مني بعد الساعة هوادة في التنكيل بك، تطهيراً للمجتمع من حثالاته، وعبرة لأمثالك الطائشين، الذين لا أخلاق لهم، ولا ضمير يعنفهم، ولا شرف يردعهم.

أخبرت ربة البيت بكل ما حدث، فاقشعر بدنها هلعاً وقطبت أساريرها احتقاراً، وعدت ابنتها تنادي رجل الشرطة؛ ولكن الطير قد أفلت من سجنه، فلم نقف للفتاة على أثر، وطرد العربيد شر طردة، ووضع تحت مراقبة شديدة صارمة.

هجر لندن بعد أن سدت في وجهه المسالك أنىّ ذهب، وأقام في إحدى ضواحيها غير متوان عن الغواية والضلال.

علم أترابي الذين سمعوا قصته الأولى بما آل إليه أمره، وما أقترف في حق مصر من الآثام، وما لطخ به سمعتنا من الوصمات، فعزموا على شكايته للقنصلية المصرية، حتى تقصيه، ولكن رقت قلوبهم فلم يفعلوا، وإن كان عجبهم قد بلغ أشده، حينما علموا أنه من أعضاء البعثات، وأنه طلق زوجه في النهاية.

ليت شعري لِمَ يُوفد مثل هذا؟ أليكون سبة وعاراً علينا، ومثلاً حياً متنقلاً تقذي منه العيون، ويعافه المجتمع، ويلعنه الناس أينما حل، والبلاد التي لفظته، والأمة التي ينتمي إليها؟؟

عمر الدسوقي

<<  <  ج:
ص:  >  >>