للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فأخذ يكيل لها السباب، ويؤول رفضها بامتهانها له، وعدم تقديره، ولج في وقاحته وسلاطته حتى أبكاها.

فذهبت محنقة تتميز من الغيظ، وانتظرت مقدمي على أحر من الجمر، وما أن دخلت المنزل حتى قصت على قصته منفعلة، وأصرت على طرده من المنزل، لأنها لم تسمع مثل هذه البذاءة طوال حياتها؛ فأخذت أهون عليها الأمر، وأعذر تصرفه هذا لشدة حساسيته، شأن كل غريب في بداية حياته ببلاد لم يألف طباع أهلها.

ضقت بهذا الغبي ذرعاً، ولعنت الساعة التي لاحت فيها طلعته الكئيبة علينا؛ وأعملت الفكر عسى أن أوفق إلى سبيل أصرف به هذا الوباء، وقد أصبح كالدمل الممد، أحمله في رقعة من جلدي، ينغص عليّ هناءتي، ويكدر راحتي. أي شيطان رجيم سول له أن يطهى دجاجة على الطريقة المصرية؟ ذهبت علني أجد عنده جواباً شافياً، وطرقت بابه بشدة وغضب، وفي عزمي أن أعطيه درساً لا ينسى؛ فسمعت همس سيدة من الداخل تحذره من الفضيحة إن استجاب لقرعي، بيد أنه فتح الباب على مصراعيه، وقال بصوت المستهتر الماجن المجازف، الذي غاض الحياء من وجهه وكان يترنح سكراً، ويبتسم ابتسامة داعرة:

- هذه فلانة، وقد كانت هنا حينما أنبتك في المرة السالفة على طرقك بابي، وأبيتُ أن أدخلك غرفتي؛ ولا يعنيني الآن، أن تطلع على ما كنت أخفيه، فسوف أنتهج طريق العربدة، ولا أعيرك أو غيرك التفاتاً.

- لكنك رجل متزوج، ولك طفلة، وهذا مُزْرِ بك، محط لقدرك، وسيلهب أهل المنزل عليك سخطاً وغضباً؛ ثم إن ما تأتيه من المنكر، مخالف للقانون، فليس هذا بيتاً من بيوت الخنا والدعارة، ويخيل إلى أن رفيقتك لم تبلغ بعد سن الرشد، وسيكون جزاؤك، إن فضح أمرك، السجن أو الطرد من هذه الديار، فعجل بإخراجها، وإلا داهمك رجال الشرطة.

- هاها. . . هاها. . .! نعم أنا متزوج ولكني أرسلت زوجتي إلى مصر تخلصاً منها، لا لمرضها كما أخبرتك كذباً؛ ولست أعبأ بما يحط من قدري في هذه البلاد، فقد استمرأت هذه الحياة بمصر وأنا لا أزال عزباً؛ أنا مستعد لأذكر لك تاريخ حياتي، إني رفعت راية الشر والفسق عالية خفافة، وما تزوجت رغبة في الزواج، ولكن طمعاً في مال من تزوجتها؛ وقد تنازلت لي الساذجة عن كل ما تملك، فليس ثمة حاجة إليها بعد ذلك، بل إني أريد أن أبين

<<  <  ج:
ص:  >  >>