صلة بالأدب. ويستخلص من اختلاف موضوعي العلم والأدب هذه الفروق بينهما:
١ - الأدب مرجعه نفس الإنسان، والعلم مرجعه الطبيعة
٢ - فمقياس الأدب صدق التصوير لما في النفس خطأ أم صواباً، ومقياس العلم صدق الإدراك للحقائق الواقعة دون نظر إلى أثرها في النفس.
٣ - والأدب الإنساني موضوعه الإنسان: سعادته وشقائه في هذا العالم. والعلم يستوي عنده الإنسان والحيوان الأعجم والنبات والجماد. فالطبيعي يبحث في قوانين الطبيعة السارية في هذا العالم والحيويّ يبحث عن قوانين الحياة في الأجسام الحية، والطبيب يشرّح الأجسام ليتبين تركيبها. وهم في هذا البحث يتحرون الحقائق كما هي لا يبالون أن تكون في الإنسان أو في غيره. وأما الانتفاع بنتائج العلوم في إحياء الإنسان أو قتله وإسعاده أو أشقائه، فهو أمر خارج عن موضوع العلم
٤ - والآراء والكتب العلمية تترك إذا تبين خطؤها أو كتب ما هو خير منها فلا يرجع إليها إنسان إلا إذا أراد أن يؤرّخ العلم؛ فلا تجد من يقرأ في كتاب هندسة أو حساب قديم وقد كتب ما هو أحسن منه؛ ولكن كتب الدب تتضمن عواطف الإنسان فإيّان اطّلع القارئ فيها وجد عاطفة إنسانية تؤثر في نفسه لا يضيرها الخطأ أو القدم. فنحن نقرأ اليوم شعر هومير وشعر امرئ القيس وغيرهما، ونجد فيه من متعة النفس ما نجده في الشعر الحديث
اختلاف المنشآت الأدبية
قد تبين أن مدار الأدب على العاطفة والخيال والأمور النفسية لا الحقائق الثابتة خارج النفس. وليست كل القطع الأدبية سواء في ذلك، بل تتفاوت قرباً من هذا المركز وبعداً. وادخلها في الأدب أقربها إلى المركز. وفي الأدب موضوعات يقل نصيبها من العاطفة والخيال حتى تنتهي إلى المحيط الذي يفصل الأدب عما سواه، ويكاد يشك القارئ أنها من الأدب
ومن أجل ذلك اختلف النقاد في شعراء من أئمة البيان كأبي تمام والبحتري والمتنبي وأبي العلا. قال بعض النقاد: المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر البحتري. ويميل بعض النقاد إلى إخراج لزوميات المعري من الشعر. والحق أن دواوين هؤلاء الشعراء جميعاً تحوي أدباً لا علماً، ولكن حظها من العاطفة وعمل الخيال يختلف؛ فتجد البحتري أكثر